مشاهد بريس
تتّسع دائرة الجدل وتتعالى الأصوات في وجه وزارة الصحة بعد الفضيحة المدوية التي فجّرتها جمعيات المصحات الخاصة، والتي نفت بشكل قاطع توصل أعضائها بأي دعم مالي من الدولة، مؤكدة أنها لم تكن على علمٍ بوجود دعم أصلاً! تصريح نزل كالصاعقة على الرأي العام، وفتح الباب واسعا أمام أسئلة ثقيلة من قبيل: من استفاد؟ ولماذا التعتيم؟
الوزير اليوم أمام امتحان الشفافية والمساءلة. فحين تتحدث الجمعيات الرسمية عن “جهلها” بالدعم، فذلك يعني أن هناك من استغل اسم القطاع الصحي لتمرير الدعم في اتجاهات غامضة… وربما نحو “الحوت الكبير” الذي يبتلع خيرات هذا القطاع منذ سنوات، في غيابٍ تام للمحاسبة والمراقبة.
الرأي العام يطالب الوزير بنشر اللائحة الكاملة للمستفيدين، مع تحديد المبالغ والأهداف المعلنة للدعم. لأننا ببساطة أمام ملفٍ لا يحتمل الغموض، خاصة في قطاعٍ حساسٍ يمسّ صحة المواطنين، ويشهد يومياً فضائح متتالية بين صفقات الأدوية وغياب المراقبة وتواطؤ بعض لوبيات المال والدواء.
الفضيحة تتجاوز الدعم نفسه، لتكشف عن عمق الفساد البنيوي الذي ينخر القطاع الصحي الخاص، وعن شبكة المصالح التي تُدير المال العام كغنيمة، لا كوسيلة لخدمة المواطن. وإذا كان الوزير فعلاً مؤمناً بالشفافية التي يرددها في كل مناسبة، فليخرج للعلن وليكشف الأسماء بالأرقام… فالصمت في مثل هذه القضايا جريمة سياسية وأخلاقية.
لقد سقط القناع، واتضح أن الدعم لم يكن دعماً للقطاع، بل دعماً للحيتان المتخفية خلف شعار “الاستثمار الصحي”. والمغاربة اليوم لا ينتظرون خطابات التبرير، بل ينتظرون الحقيقة كاملة… وبالأسماء.