مستشفى تارودانت الإقليمي “المختار السوسي”…. معلمة صحية بالاسم فقط!

2025-09-11T16:31:40+00:00
2025-09-11T16:33:45+00:00
طب وصحة
Bouasriya Abdallahمنذ دقيقتينwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ دقيقتين

إبراهيم اوقلي/ مشاهد بريس

يفترض أن يكون المستشفى الإقليمي المختار السوسي بتارودانت فضاء صحي يخفف من معاناة الساكنة، لكن الواقع يكشف عن صورة مغايرة تماما، أقرب إلى بناية تحمل الإسم والصفة دون أن توفر أبسط الخدمات التي من المفروض أن تتواجد حتى في مراكز القرب الصحية بالبوادي والقرى.

المستشفى، في صورته الحالية، يبدو خاليا من أبسط المستلزمات الطبية الضرورية، ما يجعل المريض يدور في حلقة مفرغة بين الأقسام.
فقسم المستعجلات مثلا هو الآخر لا يختلف كثيرا عن باقي الأقسام: حجرات مليئة بالمرضى الذين يصرخون ويتوجعون، لكن دون توفر وسائل وأجهزة كفيلة بإنقاذ حياتهم. أما قسم التحليلات الطبية، فحدث ولا حرج؛ فأجهزته تشتغل ساعة وتتوقف ساعات أو حتى أيام، وعاجز عن توفير أبسط التحاليل الروتينية البسيطة مثل NFS أو C.R.P او cholesterol، التي تبقى معطلة بشكل دائم تقريبا. وفي معظم الأوقات، يظل جهاز السكانير في عطلة دائمة خارج الخدمة، ما يفاقم معاناة المرضى.

إلى جانب ذلك، تمتد مواعيد المرضى لشهور، بل لسنوات في بعض الأحيان، حتى أن العديد منهم يفارقون الحياة قبل حلول موعدهم الطبي.

وخلال مرافقتي منتصف ليلة البارحة الأربعاء 10 شتنبر 2025، لمريض من أفراد العائلة، وقفت على مشهد مأساوي لمريض آخر كباقي المرضى حالته كانت حرجة، وقف أمامه الطبيب والممرضون مكبلي الأيادي، عاجزين وغير قادرين على فعل شيء في غياب نتائج تحاليله الطبية. أجهزة المختبر كانت متوقفة، والمسؤولة عنها بدت هي الأخرى في صدمة، بينما تغيب أجهزة احتياطية أو تقنيون مؤهلون لإصلاحها.

ورغم هذا الوضع الكارثي، لا يمكن إنكار أن الأطر الطبية والتمريضية تظهر نية صادقة في علاج المرضى، غير أنها هي الأخرى تصرخ لغياب المستلزمات والأجهزة الضرورية للاشتغال. الممرضون والأطباء مستاؤون وغير راضين عن الحالة المزرية التي وصل إليها المستشفى، ويجدون أنفسهم في إحراج كبير أمام المرضى وذويهم، ولا يملكون سوى الابتسامة والمواساة كعزاء وحيد.

وهنا يطرح سؤال جوهري نفسه: ما جدوى وجود مسؤولين يتدرجون من مدير المستشفى /المدير الإقليمي/المدير الجهوي وصولًا إلى وزير الصحة، إذا لم يتوقفوا عند هذه البنايات ليراقبوا حالتها ويوفروا لها الحاجيات الأساسية، ويحرصوا على تتبعها باستمرار؟

ورغم هذا التدهور الملحوظ يوما بعد يوم، يظل بعض العاملين بالمستشفى كخادمات النظافة وعناصر الأمن الخاص يؤدون مهامهم كما يجب، في مفارقة تعكس غياب التوازن بين من يقوم بعمله بأمانة ومن يترك المرفق الصحي يتآكل ويتدهور دون تدخل جدي.

إن البناية اليوم تدق ناقوس الخطر، لا فقط لما وصلت إليه، بل لما قد تصل إليه مستقبلا إذا لم يتم التدخل العاجل ورد الاعتبار لهذه المعلمة الصحية. فما يحدث اليوم ليس استثناءً، بل مجرد نسخة من ليالٍ وأيام سابقة، وجرس إنذار لما ينتظر المرضى مستقبلاً إذا استمرت السياسة الحالية في إدارة القطاع.

ويبقى السؤال الذي يفرض ويطرح نفسه بإلحاح: إلى متى سيظل المستشفى الإقليمي بتارودانت شاهدا على الألم في وقت كان يجب أن يكون فضاءً للشفاء؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.