يوسف طرزا
بينما يتضور آلاف المتشردين جوعًا في شوارع المغرب ويتهيأون لمواجهة شتاء قارس بلا مأوى ولا غطاء، تخرج علينا وزارة الأسرة والتضامن والإدماج الاجتماعي بصفقات مثيرة للغثيان.
ثلاث صفقات في شهر شتنبر وحده، بميزانية تقارب نصف مليار سنتيم، ليس لإيواء الأطفال المشردين، ولا لفتح مراكز استقبال، ولا لتجهيز مؤسسات الرعاية، بل لشراء مكاتب وكراسي فاخرة وآلات تصوير رقمية وكاميرات مراقبة!
أي تضامن هذا الذي يبدأ بالجلوس على كراسٍ وثيرة والتقاط الصور الملونة؟ وأي إدماج اجتماعي ذاك الذي يمر عبر عدسات الكاميرات؟
الوزارة التي يفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن الفئات الهشة تحولت إلى زبون دائم لسوق المكاتب الفاخرة والتجهيزات البيروقراطية.
المتسولون يطاردون كسرة خبز، والأطفال ينامون على أرصفة مبللة، فيما وزارة “التضامن” توزع الملايين على كراسي جلدية وآلات تصوير.
إنه العبث بعينه، وهو خيانة صريحة لجوهر الرسالة التي أُنشئت من أجلها هذه المؤسسة.
إذا كان هذا هو مفهوم المسؤولين للتضامن، فليعلموا أن التاريخ لن يرحم، وأن صور الكراسي والكاميرات لن تمحو صور المعاناة التي تملأ شوارع المغرب.