محمد الغزاوي/مشاهد بريس
رغم الموقع الجغرافي الاستراتيجي لجماعة تطفت، الواقعة على بُعد 15 كيلومتراً فقط من مدينة القصر الكبير، والمطلة على سد وادي المخازن، أحد أكبر السدود المغربية، إلا أن ساكنتها، وخاصة في مدشر بورخة، ما زالوا يعيشون واقعاً مريراً عنوانه التهميش والعزلة، بفعل تدهور المسالك القروية التي تمثل شريان الحياة اليومي لهم.

وتُعد جماعة تطفت من المناطق الفلاحية النشيطة في إقليم العرائش، حيث تساهم في تزويد الأسواق المحلية، خاصة في القصر الكبير، بمنتوجات فلاحية وحيوانية متنوعة، مثل الزيتون، الحليب، اللبن، التين، واللحوم الحمراء، إضافة إلى أضاحي العيد. ومع ذلك، تعاني دواويرها من ضعف كبير في البنيات التحتية، وعلى رأسها الطرق والمسالك القروية.

مدشر بورخة… دوار محاصر رغم قربه من الطريق الرئيسية
مدشر بورخة، الذي يقع بمحاذاة الطريق الجهوية رقم 410 المؤدية إلى شفشاون، يُعتبر نموذجاً صارخاً لهذه المعاناة. فالطريق الوحيدة التي تخترق الدوار وتعبر وسطه، تحولت إلى مسلك ترابي متدهور، غير صالح للاستعمال في معظم فصول السنة، مما يحول حياة الساكنة إلى معاناة يومية.
في فصل الشتاء، تصبح التنقلات محفوفة بالمخاطر، بسبب الانزلاقات الناتجة عن الأمطار والوحل، مما يعوق حركة الأشخاص، ويهدد سلامة الدواب، ويعطل نقل المحاصيل الزراعية. أما في فصل الصيف، فيواجه السكان غباراً كثيفاً يعم المنطقة، ويزيد من صعوبة التنقل على الأقدام أو بالسيارات.
ويُضاعف من حدة المشكل الطابع المنحدر لهذا المسلك، ما يجعله مصدر خطر دائم على الإنسان والحيوان، ويزيد من عزلة الدوار، رغم قربه النسبي من مركز الجماعة والطريق الرئيسية.
موقع طبيعي خلاب… وتنمية غائبة
بورخة ليس فقط دواراً فلاحياً؛ بل يمتاز أيضاً بموقع طبيعي مميز، يُطل على وادي المخازن، وسهول وغابات قبيلة أهل سريف، في مشهد بانورامي يجمع بين الجمال الطبيعي والتنوع الجغرافي. غير أن هذا الامتياز المجالي لم يُواكبه أي اهتمام تنموي حقيقي، خاصة على مستوى البنية الطرقية الأساسية.
مطلب ملحّ واستعجالي
يطالب سكان بورخة، ومعهم فاعلون جمعويون وسياسيون محليون، بالتعجيل بإصلاح المسلك الرئيسي للدوار، ودمجه ضمن مشاريع فك العزلة القروية التي ترعاها الدولة، خصوصاً أن هذا الإصلاح لا يتطلب ميزانية ضخمة، مقارنة بما سيُحدثه من تحوّل في حياة الساكنة، والفلاحة، وتنقل التلاميذ، والمرضى، والنساء الحوامل، وكبار السن.
إنها دعوة ميدانية موجهة إلى السلطات المحلية والجهوية، من أجل رفع التهميش عن هذا الدوار، وتوفير شروط العيش الكريم لأبنائه، في إطار العدالة المجالية والتنمية المتوازنة.