مشاهد بريس
حين يقرر برلماني أن يغامر بسلامة المواطنين وبأمنهم البيئي والصحي ليشيد مشروعاً تجارياً فوق مجرى مائي، فهو لا يضع فقط الأرواح على كف عفريت، بل يبعث برسالة أخطر: أن النفوذ فوق القانون، وأن الحصانة البرلمانية صارت رخصة مفتوحة لتدمير منطق الدولة.
لكن ما يثلج الصدر هو أن عامل إنزكان أيت ملول لم يقف مكتوف اليدين، بل تدخل وشكّل لجنة استطلاعية بعد سيل الشكايات التي رفعتها الساكنة والفاعلون الجمعويون. غير أن المفاجأة الكبرى كانت في المواجهة الإعلامية الشرسة التي قادها صاحب المشروع نفسه ضد القانون، في محاولة لتصوير الأمر وكأنه صراع شخصي، بينما الحقيقة هي صراع بين منطق الدولة ومنطق الغنيمة.
فهل يعقل أن تتحول قنوات مائية إلى أساس لمحطة وقود؟ وهل يعقل أن يُختزل الوطن في حسابات انتخابية وتجارية ضيقة؟ ومن يجرؤ على جعل حياة الناس رهينة لمصالحه الخاصة؟
القانون فوق الجميع، والدولة ليست ديكوراً يزين المشهد عند الحاجة.وإذا سُمح لهذه السابقة أن تمرّ، فلن يكون الحديث عن محطة وقود فقط، بل عن انهيار صرح العدالة العمرانية، وضياع ما تبقى من الثقة في مؤسسات الرقابة.
اليوم، المعركة أكبر من محطة صفراء فوق قنوات مائية… إنها معركة بين من يعتبر الوطن غنيمة، ومن يؤمن أن لا أحد أكبر من الوطن.