يوسف طرزا
في مشهد يختزل العبث الذي يعيشه قطاع الصحة العمومية بالمغرب، قصدت سيدة مسنّة مستشفى الحسن الأول بتيزنيت من أجل فحص عينيها لدى طبيب مختص في طب العيون، غير أنّها صُدمت بموعد لا يصدق: بعد عيد الفطر من السنة المقبلة! وكأنّ حياة المواطنين ليست سوى أرقام في أجندة إدارية متعفّنة.
أيّ منطق هذا الذي يجعل مسنّة، تعاني ضعف البصر وربما أمراضاً مرافقة للشيخوخة، تنتظر أزيد من ثمانية أشهر كي يُنظر في حالتها؟
أليست هذه دعوة غير مباشرة للموت البطيء؟ وأي قيمة لحق الصحة الذي يضمنه الدستور والقوانين إذا كان المواطن البسيط لا يحظى حتى بموعد قريب لفحص عينيه؟
هذه الفضيحة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فهي تكشف واقعاً بئيساً يعيشه المواطن المغربي يومياً داخل المستشفيات العمومية: خصاص مهول في الأطباء، ضعف في التجهيزات، وغياب في الرؤية الإصلاحية.
بينما كبار المسؤولين يكتفون بالتصريحات الرنانة والشعارات الفضفاضة حول “الأوراش الكبرى” و”الإصلاح العميق”، يبقى المواطن المسكين فريسةً لانتظار قاتل قد يُفقده البصر أو الحياة.
إنّ ما وقع في مستشفى تيزنيت وصمة عار على جبين وزارة الصحة، ودليل صارخ على أن الحق في العلاج صار امتيازاً لا يُمنح إلا لمن يملك المال للولوج إلى المصحات الخاصة.
أما الفقراء، فموعدهم مؤجل إلى إشعار آخر… إن بقوا على قيد الحياة.