شعيب خميس/ مشاهد بريس
في ليلة مظلمة من 24 إلى 25 ماي 2025، شهدت مدينة سطات مشهدًا مُزرِيًا يُلخِّص أزمة إنسانية وحقوقية متجذرة، حيث تم نقل 30 شخصًا من المختلين عقليًّا والمتشردين من الدار البيضاء وإلقاؤهم على بُعد 4 كيلومترات عن المدخل الغربي لسطات. هؤلاء الأفراد، الذين تركوا دون طعام أو شراب أو رعاية، تحوّلوا إلى ضحايا لسياسة “التخلّص” من المشكلات الاجتماعية بدل معالجتها، في انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية والمواثيق الدولية .
لماذا تعاني سطات من تكدس المختلين عقليًّا والمتشردين؟
غياب البنية التحتية والخدمات الصحية:
المستشفى الإقليمي الحسن الثاني بسطات، الذي يُفترض أن يكون ملاذًا للمرضى، يعاني من اختلالات كارثية؛ كغياب أطباء الأشعة وانتظار المواعيد لمدة تصل إلى سنة، وضعف التجهيزات الطبية . هذه الأوضاع تجعل المدينة عاجزة عن استيعاب حالات جديدة، خاصةً تلك التي تحتاج رعاية نفسية واجتماعية.
الفوضى الإدارية والفساد:
تشير تقارير إلى أن المستشفى نفسه تحوّل إلى “وكر للرشوة” و”مرتع للانتهازيين”، ما يُفاقم معاناة المرضى ويُعطّل أي مبادرات لإصلاح الوضع . كما أن التدخلات السياسية و”المحسوبية” في توزيع الخدمات الاجتماعية تُعمّق الأزمة .
سياسات “التخلّص” من المشكلات:
تُعتبر سطات محطة عبور لنقل المشردين من مدن كبرى مثل الدار البيضاء، دون أي اعتبار لظروفهم أو حقوقهم. هذه الممارسات تُكرّس ثقافة “التجاهل” بدل المواجهة الجذرية للمشكلات .
الإهمال المزمن للفئات الهشّة:
تشهد المدينة انتشارًا واسعًا للبطالة وانهيار المشاريع الصناعية التي كان من الممكن أن توفر فرص عمل، مثل “سيطا بارك” و”تمدروست”، ما يزيد من تفاقم الفقر والتهميش .
المجتمع المدني يرفع الصوت: مطالب عاجلة
التحقيق الفوري:
تطالب الساكنة بفتح تحقيق شامل لمعرفة الجهة المسؤولة عن نقل الأفراد واستغلال كاميرات المراقبة لتتبع مسار الحافلة .
إصلاح النظام الصحي:
تعزيز البنية التحتية للمستشفيات وتوفير أطباء متخصصين في الصحة النفسية، خاصةً مع تزايد الحالات التي تحتاج رعاية عاجلة .
حماية حقوق الإنسان:
تفعيل القوانين التي تجرّم التخلّي عن الأفراد في المناطق النائية، ومحاسبة كل من شارك في هذه الانتهاكات .
خلفية الأزمة: سطات بين الإهمال والوصم الاجتماعي
تتحوّل سطات، التي تُلقَّب بـ”مطمورة المغرب للقمح”، إلى نموذج لـ الانهيار الاجتماعي بسبب:
البنية التحتية المتدهورة: شوارع مليئة بالحفر، وإنارة عمومية منعدمة في أحياء كاملة .
تفشي الباعة الجائلين والتشرد: نتيجة غياب سياسات إدماج حقيقية، رغم الميزانيات الضخمة المخصصة سابقًا .
الوصم الجغرافي: تُعامل سطات كـ”قرية” رغم موقعها الاستراتيجي، ما يُسهّل استغلالها كمكبّ للمشكلات الاجتماعية .
تداعيات دولية: صورة المغرب على المحك
هذه الحادثة ليست معزولة؛ فقد سبقها نقل أفراد من دول جنوب الصحراء إلى سطات، ما يُهدّد بوصول تقارير دولية تُشير إلى انتهاكات حقوقية تُلطّخ صورة المغرب . المجتمع الدولي يُراقب، وغياب الحلول الجذرية قد يُترجم إلى ضغوط سياسية واقتصادية.
الدعوة إلى التحرك: لا للصمت، نعم للعدالة الاجتماعية
حان الوقت لتحويل سطات من رمز للإهمال إلى نموذج للإصلاح، عبر:
تعزيز الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني.
إطلاق حملات توعوية لدعم الفئات الهشّة.
إعادة هيكلة السياسات الصحية والاجتماعية بشفافية.
الكارثة الإنسانية في سطات ليست “حادثة”، بل جرس إنذار يُطالب بمراجعة جذرية لسياسات الدولة تجاه المدن المتوسطة والفئات المهمَّشة.