المحجوب زضيضات//مشاهد بريس
في مدينة العيون، التي لا يزال أهلها يترقبون تحسيناً ملموساً في الخدمات الصحية، افتُتح مؤخراً مركز طبي جديد تابع لمجموعة “أكديطال”. خطوة من حيث الشكل تبدو إيجابية، إلا أن ما رافقها من غياب شبه تام لأي تواصل أو تغطية إعلامية حقيقية جعل الحدث يمر وكأنه تفصيل ثانوي، لا شأن للمواطن به.
حدث من هذا النوع يُفترض أنه بشارة خير، كان من المفروض أن يحظى بالنقاش لا بالتعتيم، وأن يُبنى عليه حوار مجتمعي لا أن يُترك للهمس والظنون.
استحواذ سريع ومفاجئ… وتساؤلات مشروعة
المجموعة الطبية “أكديطال” لم تكتف بإحداث المركز الجديد، بل دخلت مدينة العيون بقوة وسرعة من خلال ما يصفه البعض بـ”استحواذ سريع” على مؤسستين صحيتين لهما حضور محلي معروف: مجمع الحكمة والمصحة الدولية.
لا أحد يُنكر أن القطاع الخاص له دوره في دعم العرض الصحي، لكن السياق الذي جرت فيه هذه العمليات دون إخبار واضح، أو توضيحات رسمية يدفعنا لطرح تساؤلات طبيعية وهادئة:
هل نحن أمام مجرد حركة استثمارية؟ أم أن هناك ترتيبات تتم في الخلفية؟ ولماذا لا يتم إخبار المواطن بما يجري؟ أليس هو المعني الأول بهذه التغييرات التي تهم صحته وكرامته؟
نحن لا نؤكد ولا ننفي، فذلك من اختصاص الجهات الرسمية، ولكننا ندعو بوضوح، إلى توضيح رسمي يبدد الغموض ويعيد الثقة.
قناة العيون… وواجب الحياد المهني
ما أثار المزيد من الجدل هو التقرير المطول الذي بثّته قناة العيون الجهوية حول المركز الجديد، والذي اعتبره الدكتور (م.ح) نوعاً من الإشهار المجاني، موجّهاً شكاية رسمية إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا).
ما تم التبليغ عنه ليس موضوعاً شخصياً أو خلافاً عابراً، بل يتعلق بجوهر وظيفة الإعلام العمومي: أن يكون صوت المواطن لا أداة ترويج تجاري.
حين يُوظف الإعلام الممول من ضرائب المواطن للتسويق لمؤسسة خاصة، فإن الحياد يُصبح محل شك، والمصداقية تُصبح في مهب الريح.
المواطن ليس خصماً… بل شريك في التنمية
نحن لا نُشيطن أحداً، ولا نستهدف مشروعاً معيناً. بل نكتب بضمير، لأننا نرى كما يرى كثيرون أن المواطن البسيط أصبح يُعامل كمتفرج، بينما تُتخذ قرارات تخصه دون علمه، ولا رأي له فيها.
في قطاع حساس كالصحة، لا بد من الشفافية، لا فقط من باب القانون ولكن من باب الأخلاق والمسؤولية.
نقولها بكل وضوح: نحن لا نطمع في أحد ولا نطلب شيئاً من أحد، غير احترام عقل المواطن وحقه في أن يكون حاضراً، لا غائباً في ما يُبنى حوله.
تحية إلى كل قلم حر
نختم هذه الكلمات بتحية حارة وكبيرة لكل من لا يزال يحمل قلماً حراً، نزيهاً، يحاول أن يكون لسان حال المواطن، لا بوقاً لأصحاب المصالح.
لكم أيها الشرفاء منّا كل التقدير، لأنكم تُدافعون بالكلمة لا بالمجاملة، وتكتبون بلا طمع، ولا خوف، ولا انتظار لمقابل.
لأن الإعلام ليس سلعة، والصحافة ليست مهنة من لا مهنة له، بل مسؤولية أمام الله، والوطن، والتاريخ.