مشاهد بريس
لم تكن مريم، القادمة من دوار أولاد بيوسف بجماعة تمكروت، تعلم أن حلمها باستقبال مولود جديد سيتحول إلى مأساة مفتوحة على أسئلة الوطن.
دخلت المستشفى الإقليمي بزاكورة لتضع مولودها فخرجت جثة هامدة هي ورضيعها تاركة وراءها طفلة يتيمة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
كشفت الحادثة عن واقع مرير مستشفى يفتقر إلى طبيب التخدير تجهيزات بدائية لا تقاوم نزيفاً حاداً وطريق جبلية وعرة نحو ورزازات تمتد على 160 كيلومتراً من المنعرجات الخطيرة مريم لم تكمل الرحلة وفارقت الحياة على الطريق، في صورة صادمة تلخص ما يعنيه أن تكوني حاملاً في إقليم اسمه زاكورة.
مصادر مدنية وحقوقية تؤكد أن ما وقع ليس استثناءً بل حلقة مكررة من مسلسل طويل عنوانه غياب العدالة الصحية.
وفيات الأمهات عند الولادة بالمغرب ما تزال من بين الأعلى في المنطقة المغاربية رغم البرامج والمخططات المعلنة.
المأساة ليست إنسانية فقط بل سياسية بامتياز أي معنى لدستور يضمن الحق في الصحة إن كانت أم في تمكروت تُترك للنزيف على قارعة الطريق؟! وأي جدوى من خطاب عن “المغرب الاجتماعي” إن كانت المسافة بين الحياة والموت تُقاس بعدد المنعرجات بين زاكورة وورزازات؟
ما وقع يفرض مساءلة السياسات الصحية التي ما تزال رهينة منطق “الترقيع” بدل التخطيط الاستراتيجي. الإقليم بحاجة إلى مستشفى إقليمي مجهز بكوادر بشرية وتقنية قادرة على التدخل الفوري، لا مجرد وعود تُكتب في المذكرات الوزارية وتُنسى في الرفوف.
إنها ليست قصة مريم وحدها بل قصة نساء كثيرات يُضحّين بحياتهن في صمت والرسالة واضحة حين تُختزل الولادة في منعرجات الموت تصبح العدالة الصحية عنواناً غائباً في دستور حاضر.
منقول