وسائل التواصل الاجتماعي: جسر التواصل أم فخ العزلة؟

2025-05-16T07:23:20+00:00
2025-05-16T07:23:23+00:00
مجتمع
Bouasriya Abdallahمنذ 37 ثانيةwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 37 ثانية
وسائل التواصل الاجتماعي: جسر التواصل أم فخ العزلة؟

شعيب خميس/مشاهد بريس

التواصل الاجتماعي: من صلة الرحم إلى صلة العالم
حرص الإسلام على ترسيخ مبدأ صلة الرحم كأساس لتماسك المجتمع، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”. في الماضي، كانت الزيارات العائلية واللقاءات المباشرة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الترابط. لكن مع تباعد المسافات وتشعب الحياة، أصبح الحفاظ على هذه الصلات تحديًا، خاصةً لأولئك الذين يفصل بينهم حدودٌ جغرافية.

هنا برزت وسائل التواصل الاجتماعي كحلٍّ ثوري، جعلت العالم قريةً صغيرة. فلم تعد المسافات حاجزًا أمام الاطمئنان على الأحباب، أو مشاركة الأفراح والأتراح. بل أصبحت هذه المنصات أداةً فعّالةً لتعزيز الروابط الاجتماعية، وخصوصًا في المجتمعات الإسلامية الممتدة عبر القارات.

من الهاتف إلى الإنستجرام: كيف غيّرت التكنولوجيا مفهوم التواصل؟
مع اختراع الهاتف، بدأ التحول الأول في طرق التواصل، حيث حلّ الصوت مكان الحضور الجسدي. ثم جاء الإنترنت ليكسر حاجز الزمان والمكان، مقدمًا خدمات المراسلة الفورية ومكالمات الفيديو التي سمحت للأسر المشتتة بالالتفاف حول “طاولة افتراضية” واحدة.

لكن الذروة كانت مع ظهور منصات مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام، التي حوّلت التواصل من مجرد تبادل الأخبار إلى مشاركة التفاصيل الحياتية بلحظاتها: من صور الأطفال الأولى في كندا، إلى حفلات الزفاف في المغرب، وصولًا إلى متابعة إنجازات الأصدقاء في أستراليا. وفقًا لإحصاءات 2023، يستخدم 85% من العرب هذه المنصات يوميًا، مما يؤكد دورها كأداة توحيد ثقافي واجتماعي.

إيجابيات لا تُنكر: حين تصبح الشاشات نوافذَ إلى العالم

  1. تقريب البعيدين: تتيح المنصات للأمهات متابعة أبنائهن المغتربين، وللأجداد رؤية أحفادهم لحظةً بلحظة.
  2. تبادل المعرفة: أصبحت وسائل التواصل منابرَ لنشر الوعي الديني، والثقافي، والعلمي. فمن خلالها انتشرت حملات مثل “خيرك بيننا” لدعم المحتاجين.
  3. تمكين الأصوات: ساهمت في كسر احتكار الإعلام التقليدي، حيث أصبح أي فرد قادرًا على إطلاق مبادرات اجتماعية، أو فضح انتهاكات، كما حدث في حملة ماتسكتش لمكافحة التحرش.

الوجه الآخر للشاشة: حين يتحول التواصل إلى خطر
رغم الفوائد، تحمل هذه الوسائل مخاطرَ حقيقيةً إذا أُسيء استخدامها:

  • الإدمان الرقمي: يقضي الفرد العربي في المتوسط 3.5 ساعات يوميًا على المنصات، مما يؤثر على الإنتاجية والعلاقات الواقعية.
  • انعدام الخصوصية: مشاركة التفاصيل الشخصية قد يعرّض المستخدمين للاختراق أو الابتزاز، كما حدث في قضية تسريب بيانات آلاف المستخدمين عام 2022.
  • التأثير النفسي: وفقًا لدراسة أجرتها جامعة القاهرة، فإن 40% من المراهقين الذين يستخدمون المنصات بشكل مفرط يعانون من القلق أو الاكتئاب.

لتحقيق الاستفادة المثلى، ينصح الخبراء بـ:

  1. تحديد أوقات الاستخدام: كتخصيص ساعة يوميًا للتفاعل، وتجنب المنصات خلال الاجتماعات العائلية.
  2. تعزيز الخصوصية: عبر تفعيل إعدادات الحماية، وعدم مشاركة المعلومات الحساسة.
  3. الدمج بين الواقع والافتراض: تشجيع اللقاءات المباشرة إلى جانب التواصل الافتراضي، كتنظيم “إفطار عائلي” شهريًا.

ان وسائل التواصل الاجتماعي كالسيف ذي الحدين؛ إن أحسنا استخدامها، كانت جسرًا للخير والمعرفة، وإن أفرطنا، أصبحت سجنًا يعزلنا عن واقعنا. لنحرص أن نكون منها على مسافة تُبقينا أقرب إلى الإنسانية، لا إلى الشاشات. فكما قال الإمام علي كرم الله وجهه: “رُبَّ أخٍ لم تلده أمك”. فلنجعل هذه المنصات فرصةً لإثراء علاقاتنا، لا لإضعافها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.