مأساة متكررة على القضبان: مصرع مواطن بدوار اليماني بسيدي العايدي.. وسؤال الوقاية يطفو مجددًا

2025-06-24T07:14:49+00:00
2025-06-24T07:14:52+00:00
حوادث
Bouasriya Abdallahمنذ 8 ثوانيwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 8 ثواني

شعيب خميس/مشاهد بريس

في حادث مأساوي يكرر سيناريو مؤلمًا شهدته المنطقة من قبل، لقي مواطن مصرعه صباح اليوم الاثنين إثر دهسه بواسطة قطار على مستوى دوار أولاد ياماني التابع لجماعة سيدي العايدي بإقليم سطات. الحادثة أعادت إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول سلامة المعابر الحديدية والإجراءات الوقائية في منطقة تُعتبر “نقطة ساخنة” لمثل هذه الحوادث.

تفاصيل الحادث المأساوي:

الموقع:

دوار أولاد ياماني، جماعة سيدي العايدي، إقليم سطب.
التوقيت: ليلة يوم الاثنين 24 يونيو 2025.
النتيجة: وفاة الضحية على الفور إثر الاصطدام المباشر.
الاستجابة: انتقلت على الفور فرق من السلطات المحلية والدرك الملكي والوقاية المدنية إلى عين المكان.
الإجراءات القانونية: فتحت النيابة العامة تحقيقًا قضائيًا لتحديد ظروف وملابسات الحادث، مع نقل الجثة إلى مستشفى لإجراء تشريح طبي لتحديد السبب الدقيق للوفاة.

سيدي العايدي: تاريخ مؤلم مع حوادث القطارات:
لا يعد حادث اليوم حدثًا منفردًا، بل حلقة في سلسلة مأساوية تشير إلى مشكلة هيكلية في المنطقة:

1 صدى الماضي (أكتوبر 2016): في حادث صادم للتشابه، لقي رجل مصرعه بعد أن صدمه قطار متجه من سطات إلى الدار البيضاء على مستوى “دوار الغرابة” بنفس الجماعة (سيدي العايدي). وقتها أيضًا نُقلت الجثة للتشريح لتمييز ما إذا كان الحادث انتحارًا أم نتيجة خطأ تقني أو إهمال.
2صوت المواطنين: عبر سكان المنطقة مرارًا عن قلقهم وغضبهم من تكرار المأساة. يركز انتقادهم على:
غياب الإجراءات الوقائية الفعالة: افتقار العديد من المعابر، خاصة في الدواوير مثل “الغرابة” و”أولاد ياماني”، لأبسط وسائل السلامة كالحواجز المادية (أذرع الحواجز) أو الإشارات الضوئية والتحذيرية الواضحة والفعالة.
مشاكل التشغيل: يتذمر السكان من التأخر المتكرر للقطارات وسوء الخدمة، مما قد يدفع بعض المارين اليائسين أو المستعجلين إلى المخاطرة بعبور السكك في أماكن غير مخصصة أو في لحظات غير آمنة.
السرعة المفرطة: يشهد العديد من العيان على أن القطارات تسير بسرعات عالية في هذه المناطق المأهولة، مما يحد بشكل كبير من قدرة السائقين على الكبح الفعال في حال ظهور عائق فجأة.

أنماط متكررة وأسباب جذرية:
يتكرر ظهور عدة عوامل مشتركة في هذه الحوادث:

معابر الموت: تحولت أماكن مثل “دوار الغرابة” و”دوار أولاد ياماني” إلى نقاط خطر معروفة بسبب طبيعتها غير الآمنة وغياب البنية التحتية الواقية.
السرعة والرؤية: السرعة العالية للقطارات في مناطق قريبة من التجمعات السكانية تشكل عامل خطر رئيسي، خاصة مع غياب أنظمة إنذار مبكر كافية للسائقين أو المارّة.
الإهمال البنيوي: تتواتر شكاوى حول سوء صيانة الخطوط الحديدية المحيطة وغياب المراقبة الفعالة للمعابر غير الرسمية التي يفرضها الواقع اليومي للسكان. هذه الإشكالية ليست محلية بحتة، فحادث اصطدام قطار بشاحنة في ألمانيا (مايو 2025) كان بسبب معبر غير مجهز بشكل آمن، مما يؤكد عالمية خطورة الإهمال في هذا القطاع الحيوي.

توصيات عاجلة لوقف نزيف الضحايا:
لوقف تكرار هذه المآسي، لا بد من إجراءات فورية وجذرية:

1 تحسين البنية التحتية للسلامة (فوري):
تركيب أذرع حاجزة (حواجز) آلية تعمل تلقائيًا مع اقتراب القطار، وإشارات ضوئية وصوتية تحذيرية واضحة عند جميع المعابر الخطرة في سيدي العايدي والدواوير المجاورة، خاصة أولاد ياماني والغرابة.
تعبيد وتسييج المسارات المؤدية للمعابر الرسمية لردع العبور العشوائي.
2 تعزيز الرقابة والمراقبة:
تركيب كاميرات ذكية لمراقبة السرعة وضبط المخالفين من قطارات تسرع في مناطق حساسة.
تكثيف دوريات الدرك الملكي على طول الخط الحديدي، خاصة قرب الدواوير ونقاط العبور غير الرسمية المعروفة، للتوعية والردع.
3 حملات توعية مكثفة:
تنظيم حملات توعوية مستدامة ومكثفة تستهدف بشكل خاص سكان القرى والدواوير المجاورة للخطوط الحديدية، تشرح المخاطر الجسيمة للعبور غير الآمن وتوجههم لاستخدام المعابر الرسمية الآمنة (حيث توجد).
التعاون مع الجمعيات المحلية وشيوخ الدواوير لنشر الوعي.
4 تحقيق شامل وشفافية:
ضرورة الإسراع في التحقيق الحالي وإعلان نتائجه بشفافية.
الأهم: الكشف عن نتائج تحقيقات الحوادث السابقة، خصوصًا حادث 2016 في دوار الغرابة، والتي ظلت غامضة. هل كانت انتحارًا؟ أم ثمة إهمال في الصيانة أو الإشارات أو السرعة؟ هذه المعلومات حاسمة لمعالجة الأسباب الجذرية.

البعد الإنساني والمساءلة المجتمعية:
خلف كل رقم ضحية، قصة إنسان وأسرة تئن تحت وطأة الفقد. يحتاج أهالي الضحايا، مثل ضحية حادث 2016 المجهولة النتائج لأسرتها، ليس فقط إلى تعازي رسمية، بل إلى دعم نفسي واجتماعي حقيقي، وإلى إجابات واضحة.

“إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”. الفقدان يتكرر في سيدي العايدي، والإجراءات الوقائية لم تعد مجرد خيارات قابلة للتأجيل أو الدراسة، بل هي ضرورة حتمية ومسؤولية أخلاقية وقانونية. على الجهات المعنية، وعلى رأسها المكتب الوطني للسكك الحديدية، تحمل مسؤوليتها كاملة عبر:

الشفافية: نشر إحصاءات دورية ودقيقة عن حوادث القطارات وأسبابها.
المساءلة: محاسبة المقصرين في الصيانة أو التشغيل أو تطبيق معايير السلامة.
الاستثمار: تخصيص الموارد الكافية والفورية لتحويل المعابر الخطيرة إلى فضاءات آمنة.
التواصل: إشراك المجتمع المحلي والجماعات الترابية في وضع الحلول ومراقبة تنفيذها.

فهل ستكون حادثة دوار أولاد ياماني اليوم هي الجرس الأخير الذي ينهض الجميع لوقف هذا النزيف المتكرر للأرواح على قضبان سيدي العايدي؟ الساعة تدق، والوقت ليس في صالح الانتظار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.