إبراهيم يعݣوبي/مشاهد بريس
في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، أقدمت السلطات الإسبانية مؤخرًا على إزالة أعلامها من فوق جزيرتي “البر” و”البحر” (المعروفتين أيضًا بـ”Tierra” و”Mar”) الواقعتين قبالة سواحل مدينة الحسيمة شمال المملكة المغربية، مما أثار العديد من التساؤلات حول دلالات هذه الخطوة وأبعادها السياسية والقانونية.
الجزيرتان، اللتان تعتبران من الجيوب الصخرية الصغيرة التي كانت ترفرف فوقها الراية الإسبانية منذ أكثر من عقدين، ظلتا رمزًا للوجود الرمزي الإسباني في المياه المتنازع عليها مع المغرب، لا سيما بعد أزمة “جزيرة ليلى” سنة 2002. ومنذ ذلك الحين، ظلت إسبانيا تتعامل بحذر مع هذه المواقع الحساسة، لما تحمله من رمزية جغرافية وسيادية.
وحسب مصادر إعلامية مغربية، فإن عملية إزالة الأعلام الإسبانية تمت بهدوء دون أي إعلان رسمي أو توضيح من الحكومة الإسبانية، مما فتح المجال لتأويلات واسعة. فبين من يرى في الخطوة تهيئة لأرضية تفاهم جديد مع المغرب، ومن يعتبرها فقط إجراءً إدارياً مؤقتًا، تبقى الحقيقة غامضة في ظل غياب أي موقف رسمي من مدريد.
العديد من المتابعين يرون أن هذا التحول قد يكون مرتبطًا بالتقارب الأخير بين الرباط ومدريد، لا سيما في ظل التعاون الوثيق في ملفات الهجرة، ومكافحة الإرهاب، والتهريب البحري. كما يُحتمل أن يكون مرتبطًا برغبة إسبانيا في تجنب أي توتر جديد قد يؤثر على العلاقات الثنائية، خصوصًا بعد قرارها في وقت سابق من هذا العام بإلغاء الاحتفالات الرسمية بالذكرى المئوية لإنزال الحسيمة 1925.
وفي المقابل، لم يصدر إلى حدود اللحظة أي تعليق رسمي من طرف السلطات المغربية بشأن الخطوة الإسبانية، غير أن المراقبين يعتبرونها “إشارة إيجابية” في اتجاه طيّ صفحة من التوترات التاريخية بين البلدين الجارين.
تبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف ما إذا كانت هذه الخطوة بداية لتحول استراتيجي في تدبير إسبانيا لملف الجيوب المحتلة شمال المغرب، أو فقط حركة تكتيكية في سياق ديناميكية دبلوماسية معقدة.