مشاهد بريس
في ظل التوجيهات الملكية الأخيرة التي أكدت على ضرورة تجاوز “مغرب السرعتين” وتعزيز العدالة المجالية، أصدر وزير الداخلية مذكرة تحث الولاة والعمال على التسريع بإنجاز جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة.
ورغم أن المذكرة تعكس استجابة لتطلعات الملك، إلا أن إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي، يرى أنها تفتقد إلى الأساس القانوني والوضوح العملي اللازمين لتحقيق الأهداف المنشودة.
يقول إدريس الفينة إن الخطاب الملكي رسم خارطة طريق واضحة للتحول التنموي، ترتكز على دعم التشغيل، تقوية الخدمات الاجتماعية، تدبير الموارد المائية، وإطلاق مشاريع تأهيل ترابي مندمج، لكن المذكرة التي وجهها وزير الداخلية بدون إطار قانوني واضح، مما قد يضعف من فاعليتها ويعقد من مهمة الولاة والعمال في تنفيذها.
ويضيف الفينة أن المذكرة لا تراعي الاختصاصات الدستورية التي تضمنها قوانين الجماعات، الأقاليم، والجهات، والتي تنص على ضرورة إشراك الأجهزة المنتخبة في صياغة وتنفيذ برامج التنمية المحلية.
كما يشير إلى أن تحميل المسؤولية التنفيذية للولاة والعمال دون توفير تمويلات كافية أو دعم حكامة فعالة يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم ملموس.
يرى إدريس الفينة أن جوهر المشكلة يكمن في ضعف الميزانيات المخصصة لهذه المناطق، والتي لا تكفي لتغطية العجز الكبير في البنية التحتية والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تحديات ضعف الحكامة الترابية والقيادات المحلية، والتي تقف كعوائق رئيسية أمام تنفيذ أي برامج تنموية مهما كانت جودتها.
ويشدد الفينة على أن ما كان ينبغي فعله هو فتح حوار معمق مع خبراء ومختصين قبل إصدار مثل هذه المذكرة، لفهم الأسباب الحقيقية وراء استمرار التفاوتات التنموية، بدلاً من تحميل المسؤولية بشكل مباشر للولاة والعمال، الذين يشكلون جزءاً من منظومة تحتاج إلى إصلاح شامل.
وختم إدريس الفينة بالتأكيد على أن الرهان الحقيقي يكمن في تحديث الإطار القانوني والتنظيمي للجماعات الترابية، وإعطاء السلطات المنتخبة الفرصة الحقيقية للقيام بأدوارها، مع ضمان توفير التمويلات الضرورية، وبناء حكامة محلية شفافة وفعالة، وهو الأمر الذي يشكل الأساس لأي تنمية مستدامة وشاملة.
مؤكدا أن البرامج التنموية لا يمكن أن تنجح فقط بالتوجيهات ، بل تحتاج إلى رؤية واضحة، احترام القوانين، تعبئة الموارد، وضمان مشاركة جميع الفاعلين المحليين.