يوسف طرزا
في الوقت الذي يرفع فيه المسؤولون شعارات العدالة الاجتماعية والحق الدستوري في الصحة، يظل عمال الإنعاش الوطني بآيت ملول خارج دائرة الاهتمام، وكأنهم مواطنون من درجة ثانية.
هؤلاء العمال الذين يكدحون يوميًا تحت الشمس والبرد لتنظيف الشوارع وصيانة المرافق العمومية، يجدون أنفسهم في مواجهة أمراض متعددة دون سند حقيقي.
المفارقة الصادمة أن هذه الفئة تتوفر على تأمين، لكن على الورق فقط، إذ لا يستفيدون من أي خدمات صحية فعلية، وكأن وجود التأمين مجرد وسيلة للتزيين وإسكات الأصوات.
النتيجة: عمال ينهكهم المرض، وأسر تعيش المعاناة في صمت، ومجلس جماعي يغض الطرف عن معاناة من يساهمون في تجميل المدينة بعرقهم وتضحياتهم.
ولعل ما يزيد الصورة قتامة، أن جمعية الحياة الطبية حاولت التدخل عبر مراسلة رسمية لرئيس الجماعة من أجل تمكين هؤلاء العمال من حقهم في التطبيب، غير أن المراسلة قوبلت بالتجاهل وكأن الأمر لا يعني المسؤولين في شيء.
وهو ما يكشف غياب حس المسؤولية وعمق الهوة بين الخطاب والواقع.
إن استمرار حرمان هؤلاء العمال من الاستفادة من أبسط حق، وهو العلاج، يعد وصمة عار على جبين المسؤولين المحليين والجهات الوصية، ويكشف عن سياسة تمييزية تضرب في العمق كرامة الإنسان.
فكيف يمكن الحديث عن تنمية محلية وإنصاف اجتماعي في ظل تجاهل صارخ لمعاناة من يشكلون العمود الفقري للنظافة والخدمات الأساسية؟
إن معركة عمال الإنعاش الوطني بآيت ملول لم تعد قضيتهم وحدهم، بل أصبحت قضية رأي عام، بعد أن طرقوا أبواب الجمعيات دون جدوى.
وهي جرس إنذار لمجلس جماعي اختار الصمت بدل الفعل، وترك فئة بأكملها تواجه المرض والإقصاء.
