شعيب خميس/مشاهد بريس
في تطور جديد بملف فساد استمر لعقود، تمكنت مصالح الشرطة القضائية بمدينة الجديدة مساء يوم الجمعة 14 فبراير 2025 من توقيف محمد نكيل، رئيس مقاطعة سيدي يوسف بن علي بمراكش والمنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك تنفيذًا لمذكرة بحث وطنية صادرة بحقه ضمن قضية “كازينو السعدي” التي تُعد أحد أبرز قضايا الفساد المالي في المغرب . وجرى اعتقال نكيل في منطقة سيدي بوزيد بالجديدة، قبل تسليمه إلى سلطات مراكش تمهيدًا لإيداعه سجن الأوداية، حيث انضم إلى قائمة الموقوفين في هذه القضية التي تشمل مسؤولين سابقين ومقاولين متورطين في اختلاس الأموال العامة والرشوة .
إلى جانب نكيل، شملت الاعتقالات:
- عمر آيت عيان: المستشار الجماعي السابق والكاتب المحلي لحزب الاستقلال، أوقف بسيدي بوزيد .
- لحسن أمرودو: المستشار الجماعي السابق ببلدية المنارة جليز، اعتقل بمراكش .
- عبد الرحمان العرابي: ما يزال البحث جاريًا عنه، وهو عضو سابق في المكتب التنفيذي للاتحاد المغربي للشغل .
وبذلك يرتفع عدد الموقوفين في القضية إلى خمسة أشخاص، بينما تستمر الملاحقات لضبط ثلاثة آخرين .
تعود جذور القضية إلى الحقبة الاستعمارية، حين مُنح امتياز إدارة الكازينو لشركة فرنسية بالشراكة مع الباشا التهامي الكلاوي. لكن الجدل اندلع عام 2001 بعد تفويت الكازينو قبل انتهاء عقده بأربع سنوات، في صفقة شابها الغموض واتُّهم خلالها مسؤولون محليون ومنتخبون بالتورط في عمليات تزوير وتبديد أموال عامة تقدر قيمتها بـ65 مليار سنتيم . وقد أدين المتهمون بعقوبات تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات سجناً نافذاً، مع غرامات مالية ومصادرة ممتلكات .
في ديسمبر 2024، رفضت محكمة النقض الطعون المقدمة من المتهمين، مؤكدةً أحكام الإدانة الصادرة بحقهم، مما فتح الباب لتنفيذ الأحكام .
كما طالب المرصد الوطني لمحاربة الرشوة مجلس مراكش بالتنصيب كطرف مدني في القضية لتعزيز الشفافية، خاصةً مع تكشف تسجيلات تثبت توزيع رشاوى بقيمة مليار درهم بين مستشاري المجلس .
هنا يُلاحظ تنامي الضغط الشعبي على الأحزاب السياسية، خاصةً حزب الأصالة والمعاصرة الذي ينتمي إليه نكيل ووزير العدل الحالي، وسط اتهامات بتسخير القضاء لحماية المنتسبين إليها .
بينما رأى البعض في الاعتقالات خطوةً إيجابيةً لتعزيز ثقة المواطن في القضاء ، انتقد آخرون تباطؤ وزارة العدل في معالجة ملفات فساد مماثلة .
وقد دعا حقوقيون إلى توسيع التحقيقات لشمل جميع المتورطين، وفتح ملفات غسل الأموال المرتبطة بالقضية .
إن قضية “كازينو السعدي” ليست مجرد ملف جنائي، بل اختبارٌ لجدية المغرب في محاربة الفساد الممنهج، خاصةً مع تورط شخصيات سياسية بارزة. رغم التقدم في تنفيذ الأحكام، تبقى الأسئلة مطروحة حول إصلاح المنظومة القضائية وضمان عدم تكرار مثل هذه الصفقات المشبوهة.