
مشاهد بريس
بقلم: شعيب خميس
في عصرٍ تطغى فيه الأخبار السلبية والعناوين المثيرة، تبرز الصحافة البناءة كمنهج إعلامي ثوري يُعيد تعريف الغاية من الخبر. ليست مجرد نقل الوقائع، بل تسليط الضوء على الحلول الممكنة، وتحويل الجمهور من مُتلقٍ سلبي إلى شريك فاعل في صناعة التغيير. فما هي ملامح هذا النهج؟ وكيف يختلف عن الصحافة التقليدية؟
الفرق الجوهري:
بين التركيز على المشكلة واستشراف الحل
تُعرِّف الصحافة البناءة نفسها عبر ثلاثة أعمدة رئيسية:
- الحلول أولاً:
- لا تتجاهل المشكلات، لكنها تبحث عن نماذج ناجحة في التعامل معها. فبدلاً من الاكتفاء بتسليط الضوء على أزمة الفقر، تقدم تقارير عن مبادرات محلية نجحت في تمكين الأسر.
- التوازن والواقعية:
- ترفض النبرة التشاؤمية أو التهويل الإعلامي، وتحرص على عرض السياق الكامل للقضايا، مع ذكر التحديات والإنجازات.
- تمكين المجتمع:
- تسعى لتعزيز الوعي النقدي، وتربط الأفراد بمسؤوليتهم تجاه القضايا العامة عبر طرح أسئلة مثل: كيف يمكنك المساهمة في الحل؟
في المقابل، تظل الصحافة التقليدية أسيرةَ “ثقافة الإثارة”، تركّز على الصراعات والسلبيات لجذب الانتباه، مما قد يُشعر الجمهور بالعجز أو السلبية.
مبادئ الصحافة البناءة:
أكثر من مجرد أخبار إيجابية
- التحليل العَميق:
- البحث عن الأسباب الجذرية للقضايا، وليس الوقوف عند الأعراض.
- إبراز الدور المجتمعي:
- تسليط الضوء على جهود الأفراد والمؤسسات في حل المشكلات، مثل مبادرات التطوع أو الابتكارات الاجتماعية.
- الشُمولية:
- إعطاء صوتٍ للمهمشين، وعرض قصص النجاح التي نادراً ما تصل إلى وسائل الإعلام التقليدية.
- التفاعلية:
- تشجيع الحوار عبر طرح استطلاعات رأي أو منصات نقاش مرتبطة بالمواضيع المطروحة. الأثر المجتمعي:
من اليأس إلى الأمل القائم على الفعل
أظهرت دراسات أن التغطية الإعلامية المفرطة في السلبيات تُزيد مشاعر القلق واللامبالاة، بينما تُحفز الصحافة البناءة الجمهور على:
- المشاركة الفاعلة:
- كالتطوع أو دعم المشاريع الاجتماعية.
- تبني نظرة واقعية:
- فهم أن المشكلات قابلة للحل عبر خطوات ملموسة.
- بناء الثقة:
- خاصةً تجاه المؤسسات الإعلامية، التي يُنظر إليها أحياناً كـ”ناقل للأزمات” فقط. خاتمة:
نحو صحافة المستقبل
لا تدعو الصحافة البناءة إلى التغاضي عن السلبيات، بل إلى تغطية الواقع بصدقٍ ومسؤولية. إنها صحافة تُدرك أن دور الإعلام ليس فقط في كشف الأخطاء، بل أيضاً في إلهام الحلول وخلق مساحات للحوار البنّاء. وفي عالمٍ يعاني من انقسامات وتحديات معقدة، يصبح هذا النهج ليس خياراً فحسب، بل ضرورةً لصناعة مجتمع واعٍ وقادر على المبادرة.