التحولات السوسيو ثقافية بسهل اشتوكة خلال نصف قرن

2025-06-25T15:00:07+00:00
2025-06-25T18:19:38+00:00
شؤون جمعوية
Youssefمنذ 3 ساعاتwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 3 ساعات

اعداد : لحسن اوبحمان

توطـــــــئــة
“الوطن يبدأ من القرى ” مقولة استهل بها الدكتور “خالد العيوض” الخبير في مجال الهجرة و التنمية قبل ان يعرج على مداخلته التي اختار لها عنوان ” التحولات السوسيو ثقافية بسهل اشتوكة خلال نصف قرن” .
هذه المحاضرة احتضنتها قاعة المرحوم “مبارك بايش” بقرية ايت علي بقبيلة ايت بكو ضمن نفود الجماعة الترابية القروية انشادن بعمالة اشتوكة ايت باها.
المحاضرة الأولى من نوعها في المنطقة نظمتها الجمعيتين النشيطتين بدوار ايت علي . أطر و سير هذه الندوة الرئيس السابق للجمعية السيد ” لحسن ابعقيل” و الذي ذكر من خلال كلمته الافتتاحية ،بعد الترحيب بالمحاضر و الحاضرين، التوجه الجديد الذي سطرته الجمعية حيث أرست معالمه من خلال امرين اثنين : أولهما : اشراك الجيل الجديد لتسلم زمام تسيير الجمعية بعد تلقيهم تكوينا و تأطيرا من الجمعية نفسها فقد ان الأوان للخروج الى دائرة الضوء و تحمل مسؤولية العمل و التسيير من داخل الجمعية – علما ان جمعية اتحاد ايت علي تعد رائدة في العمل الجمعوي و من اكبر الجمعيات التنموية الاجتماعية بسهل شتوكة –
الامر الثاني : الاهتمام بالشأن الثقافي موازاة مع الشأن الرياضي و الاجتماعي الذي يشكل ابرز اهتمامات الساكنة . فعوض تكرار خطاب العدمية يمكن اشعال شمعة في زمن الظلام تنويرا لسبيل الناشئة واضاءة الطريق نحو بناء انسان يحمل هم الثقافة مثلما يسعى لتوفير المعيش اليومي.
فإلى أي حد توفق المحاضر في ابراز أوجه التغيرات السوسيو ثقافية التي عرفتها منطقة اشتوكة خلال نصف القرن الماضي ؟
و ما هي الإشكالات الكبرى التي تواجهها المنطقة حاليا و التحديات المستقبيلية التي ننتظر كل المتدخلين في الشأن الاجتماعي بالمنطقة ؟
السياق التاريخي للهجرة بسهل اشتوكة

أولا : السياق العالمي :
إن كل مهتم بدراسة حركية المجتمعات و التحولات الجذرية التي تعرفها يخلص الى ان الهجرة ظاهرة عالمية عرفها الانسان منذ ان وجد على هذه الكرة الأرضية. فقديما ليس هناك شيء اسمه الارتباط بالوطن او التشبث بالأرض ، فالإنسان تحكم حركته امرين اثنين : و هو اشباع رغباته الفطرية و الإحساس بالأمن، و كلاهما يدخلان في إحساس الانسان بالسكينة و الاطمئنان و هو ما يسمى بالامن الغذائي و الامن الروحي النفسي ، لذلك منذ القديم عاش الانسان حياة الترحال من منطقة الى أخرى بحثا عن المخبأ و الكلأ و الماء . لهذا نقول بان الهجرة ظاهرة إنسانية عادية فهي ليست مشروعا شخصيا بل تتعداه ليصبح اسريا او قبليا برمته .
لم يعرف الانسان الاستقرار الا بعد ان توصل الى ضرورة استغلال الأرض من خلال الزراعة و اكتشاف الأدوات الأولى للنقش و الحفر و الحرث . هذا العمل الفلاحي حتم على الانسان امرين اثنين غيرا من سلوكياته و حركاته :
أولهما : الاستقرار ؛ فالعمل في الحقوق و القطع الأرضية حتم على الانسان الاستقرار في مكان عمله و انتظار منتوج عمله و الاعتناء بالحقوق على قلتها مما قلل من تحركاته و سيره في الأرض الواسعة
ثانيهما : التملك : لما استغل الانسان الأرض تعرف على معنى تملكه لأرضه و منطقته ، فحتما حب التملك يولد الرغبة في حماية ممتلكاته تجاه الاغراب ، على النقيض من ذلك فالغريب يسعى الى الاستيلاء على ما عند غريمه مما يؤدي الى حركات الاعتداء مقابل الدفاع وهو ما يؤدي بالإنسان الى تغير في سلوكياته و تغير في قيمه ليتحول الانسان شيئا فشيئا الى عدواني تجاه الغريب و الى فقدان الثقة في من لاتربطه معه أية صلة .
و من ثمت بدأ الانسان بالترحال بحثا عن الامن بشتى انواعه او تحقيق حياة افضل من التي يحيياها بسبب او بدون سبب ومنه نشأت ظاهرة هجرة الأوطان بعد ان كانت أصلا للإنسان .

ثانيا : السياق الوطني :
لم يخرج المجتمع المغربي من قاعدة حركية المجتمعات العالمية رغم اختلاف الظروف و الأزمنة .
فقد عرفت منطقة اشتوكة على غرار باقي المناطق المغربية حركية دؤوبة و هجرات متعدد رغم بطئها، فقد عرفت مند بداية القرن أنواع مختلفة : منها :
أولا: الهجرة من البادية نحو بادية ، و هجرة من البادية نحو المدينة ، و هجرة نحو ” الغرب” ( الغرب عند اهل شتوكة ليس بالمفهوم الجغرافي ، فيقصد بالغرب ما فوق مراكش أينما كان )
وقد تتعدد مسببات هذه الحركية المجتمعية و تختلف الا ان لها قاسما لا يكاد يخرج عن نتاج علاقات تزاوج او مصاهرة وما تسفر من تنقل احد الأزواج نحو الاخر و ربما اسرة نحو أخرى خاصة و ان منطقة شتوكة لها خصوصية قل ما تجدها فهي تتواجد في سفح سلسسة جبال الاطلس الصغير التي تسكنها قبائل ايت باها و ايت ميلك و منطقة ماسة المطلة على البحر ، فلا يخفى على الجميع الأثر الكبير التي تخلفه حركية التزواج و علاقات النسب و المصاهرة بين افراد المناطق الثلاث المختلفة جغرافيا و في لكنة اللسان .
فانتقال الافراد او الجماعات يليه استصحاب للعادات و القيم و الفنون من منطقة لأخرى لتنصهر ضمن المحيط الجديد و تنتج شيئا اخر هجين
ثانيا : الهجرة الى المدينة :قد تكون الانتقال بسبب عداوة حاصلة استحال معها المكوث في ظروف لم تعد صالحة للاستقرار و ربما اتقاء شر او خطر اكبر مما يحتم على الطرف الأضعف المغادرة اما خوفا او احترازا من وقوع غير المرغوب فيه .
وقد تكون الأسباب اقتصادية لعدم كفاية الموارد المحلية تلبية الحاجيات اليومية و العادية للسكان بسبب توالي الجفاف و انعدام التساقطات او انعدام الأراضي المتملكة بسبب كثرة تقسيم الأراضي الميراث و إعادة تقسيمها حتى تصبح منعدمة . فالقاعدة التي تحكم اهل البوادي: “من لم تكن له ارض فليرحل ” .
ثالتا : توافد القبائل العربية الى اشتوكة : عرفت منطقة اشتوكة هجرة فريدة تحمل في طياتها بعدا سياسيا امنيا تجلى في استقرار فئتين دخيلتين على منطقة اشتوكة انصهر على مر الأيام حتى شكلت في الوقت الحالي من المكونات الأساسية لسكان سهل اشتوكة
و هي استوطان قبائل بني عمير و القبائل الصحراوية الرحل في الجهة الساحلية لسهل اشتوكة :
اما قبائل بني اعمير التي ثم استقطابها من وسط المملكة من قبل السلطان احمد المنصور الذهبي و منحت لها أراضي ما يسمى حاليا من تكاض الى حدود السوالم ، وهي مازالت تسمى حاليا “باراضي الكيش ” -رغم انه ثم بناءها حاليا و تعميرها دون سند قانوني فهي ما زالت تعتبر أراضي كيش سلمت للجماعات السلالية لاستغلالها و الانتفاع بها دون تملكها لمن البعض الان بناها و كانها ملكية لا يتوفر الا على عقد استمرار او منفعة ان وجد – مقابل حماية شواطئ الايالة الشريفة من تهديدات البرتغال و القوى الأوروبية التوسعية الطامعة في الأراضي و الشواطئ المغربية خلال القرنين 18 و 19 الماضيين.
هذه التهديدات جعلت المغاربة عامة و السكان الاولون للمغرب والسوسيين خاصة تصبح عقدة مع البحر بحيث ما زال البحر في الثقافة السوسية يشكل خطرا في مخيلتهم ، فالغريب يأتي من البحر ، و الغازي يدخل من البحر ، و البحر يميت البحارة فهو رمز للموت و مسبب لها لهذا ليس غريبا ان نجد ان أغلب المقابر في سوس تطل على شاطئ البحر ، فلم تخرج شتوكة عن القاعدة .
إضافة الى ذلك فأهل اشتوكة مند القدم هجرت البحر و سكنت الجبل او سفوحه على اعتبار ان الجيال توفر الامن و السفوح توفر الامن الغذائي مما سيفسح المجال لفئة أخرى تسكن ساحل شتوكة .
اما القبائل الصحراوية “الرحل “تماشيا مع نمط عيشها المؤسس على الترحال والبحث عن الماء و الكلأ ا
هذه الهجرات المتنوعة تحمل في طياتها إيجابيات و أخرى عكسية:
فالانتقال بين القبائل و التمازج الحاصل بينها يذيب النزعات الفردية و الاعتزازات الجزئية التي تخلفها الانتساب القبلي و العصبية القبلية خاصة و ان المنطقة تضمن عدة قبائل و تحالفات خلفتها اختيار بعض الطرق الصوفية وتبني نهج زاوية دينية دون أخرى ( ناصرية –تيجانية – درقاوية –سملالية …..) او احلاف عسكرية خلفتها فترة النزاعات القبيلية السياسية او ما يعرف بفترة السيبة ( حلف تاكوزولت و حلف تاحكات ….. )
و الجميل في هذا الخليط المتجانس انه انصهر فيما بينه و تكتل و تجمع في ظل مكون واحد سمي باشتوكن .
اما الظاهرة الثانية فهي الظاهرة اللغوية التي انتجتها حركة الهجرات السابقة هو انتاج لغة ثالثة لا هي بالعربية الصرفة و لا هي بالامازيغية الصرفة على مستوى الكلمات و النطق و اللكنة و الايقاعات الصوتية للكلمات ، فهي خليط بين عربية اهل الداخل و اهل الصحراء و امازيغية اهل اشتوكن السفح ، فتجد المتحدث من القبائل النازحة لاشتوكن يخلط في حديثه بين كلمات امازيغية باخرى عربية في سياق و تناغم سليمين مفهومين عند المتلقي و السبب الغالب في هذه الظاهر هو الزيجات المشتركة بين القبائل العربية الوافدة و القبائل اشتوكية المستقرة ، ففي مجمع العائلة في الأعياد و المناسبات لتجد الجد للام يخاطب الجد للاب العربي اللسان بلغة امازيغية ممزوجة ببعض الكلمات العربية و الخطاب مفهوم و سليم بينهما مما نتج لدى الاحفاد لغة هجينة تشمل اللغتين معا .
و بما ان القبائل العربية الوافدة لا علاقة لها بالبحر فقد تعلمت أصول المهنة و قواعد الصيد البحري لكن بكلمات امازيغية و أسلوب امازيغي الشيء الذي نلاحظه ان أسماء الوسائل المستعملة في الصيد الساحلي المنتشرة في المنطقة سواء في تيفنيت او الدوايرة او سيدي الرباط او سيدي بو الفضايل ،كلها بمسميات امازيغية بلغة اشتوكة، فالممارسون عرب صحراويون لكن الوسائل و أسماء الأسماك تحمل أسماء امازيغية .
رابعا : الهجرة نحو الخارج .
على غرار باقي التراب الوطني ، ابتليت منطقة اشتوكة بالاستعمار الفرنسي الغاشم ، رغم انه حل بالمنطقة متأخرا باقي مناطق الشمال المغربي و وسطه ، فلم تستطع فرنسا اخطاع مناطق اشتوكة تحت نفود سلطتها الا في سنة 1914مفي السهل و 1934 م في الجبل .
و يرجع الفضل في تأخر احتلال المناطق الجبلية لاشتوكة عن السهل الى المقاومة الشرسة التي تلقتها فرنسا من قبل قبائل جبائل اشتوكن تحت قيادة المقاوم الكبير – الذي تنكر له المسؤولون و لم يعطى له احقيته في الذكر و الذكرى للتاريخ- “عبد الله زكور ” و هو المقاوم الذي قاد حركة الدفاع عن أراضي ادرار ولم يستسلم الا بعد قصفته فرنسا بالطائرات و القذائف المدمرة لكل ما تصادفه ، و مازالت آثار القدف و قبور الشهداء شاهدا على ذلك بمنطقة اداوكنيضيف الجبلية .
و على هول الدمار و الخراب القتلى التي خلفها الاجياح الفرنسي ارتأى المقاوم السوسي الاستسلام حقنا للدماء و حفضا لما تبقى من منازل الساكنة على بساطتها . و جاء استسلام عبد الله زاكور 6 أشهر بعد استسلام المقاوم الامازيغي قائد ثورة قبائل زيان عسو اوبسلام الشي الذي مكن لفرنسا من بسط سيطرتها على منطقة اشتوكة .
و على اثر هذه المقاومة الشرسة اهتدت سياسة الدولة الفرنسية و القوات العسكرية و منظروا السياسية التوسعية الفرنسية الى حيلة لاضعاف الشعوب المستهدفة عبر مقولة شائعة لديهم و هي :
“كل شاب يغادر قريته فهي بندقية ناقصة “
Chaque jeune qui part est un fusil de mois”
تطبيقات هذه المقولة جعلت السلطات الفرنسية الى السعي لافراغ المناطق الجبلية لاشتوكة و السهلية على حد سواء عبر تشجيع الهجرة لفرنسا عبر عقود عمل و اغراءات و ووعود بعيش افضل و غد افضل .
فلن تنسى النساء و العرائس و الأمهات “النخاس ” فيليكس موغا الذي فصل كل شاب عن امه و كل عريس عن حبيبها و هم في شهر العسل و فرق بين زوج و زوجته و أولاده مع وقف التنفيد .
فقد افرغ موغا دواوير الجبل من كل من يستطيع ان يحمل معولا للحفر في مناجم الفحم و حفر انفاق فرنسا ، و يشهد التاريخ ان ميترو الانفاق في باريس حفر بسواعد شباب سوس .
و لن ينسى التاريخ مشهد سوق النخاسة التي مارسها موغا في انتقاء الشباب الاوقياء الاصفياء الخاليون من كل عيب خلقي او اعراض جانبية ، و لم تسلم حتى الاضراس من تفتيش موغا فلا يقبل من كسرت رباعيته او تسوست اضراسه ، فالقوة البدنية الواضحة و السلامة الجسدية ابرز شروط القبول لالتحاق بباطن الأراضي الفرنسية و كانه مشهد من مشاهد اقتياد العبيد من افريقية جنوب الصحراء نحو المجهول .
انه مظهر من مظاهر العبودية و الاسترقاق في صورة عقود شغل ملغومة ، و مشهد من مشاهد الحط من كرامة الانسان بكونه انسانا ذا حقوق و انفة و كيان ، فتصرفات موغا لا تعترف لاهل سوس و اشتوكن بانسانيتهم ، فالمقبول و المستوفي للشروط يضرب على صدره بطابع يترك اثرا كتب بالمفرنسية مقبول و كانه شاة تساق الى الذبح
واما الغير المرغوب فيهم اما لكبر سنهم او لضعفهم فهم يدفعون بكل قوة و يساقون جانبا كان فيهم جذاما يخافوا ان ينقلوا عدوى علتهم الى السلالة النقية المختارة آنفا .
و بوصول الفوج الأول من المهاجرين الأوائل الى فرنسا ، و رغم قساوة ظروف العيش و قساوة ظروف العمل الشبيهة بالاسترقاق في العصور الفرعونية الخالية ، الا ان الشباب السوسي الشتوكي استطاعوا ان يوفروا من اجرهم الهزيل الذي يتقاضونه مقابل العمل الشاق الذي رغب عنه الشباب الفرنسي المدلل.
ما فضل عن حاجاتهم و ما ادرخروه نتيجة حرمان انفسهم من كماليات او حاجيات ربما ، حوله الشباب اشتوكي الى حوالات و ” مانظات ” ترسل الى امهاتهم و ابائهم لارض الوطن .
لعبت هذه الحوالات دورا كبيرا في تغير البنية السيوسيولوجية لاشتوكن على عدة و اجهات منها :
1- التشجيع على الهجرة الى الخارج : بتحسن تدخل بعض الإباء من جراء تحويلات أولادهم اليهم جعلهم يشجعون ابناءهم الى مغادرة البلاد الخالية قصد زيادة التحويل ، و هو الشيء الذي قام به كل العائلات المجاورة ل ” بو فرنسا” و هو الشي الذي خلق تنافسية بين الاسر في من يرسل ابناءه للخارج .
اما هذا الوضع فالشاب القابع في الدوار المتمسك بارضه و هويته يعتبر عيبا و مصدر سخرية و إهانة لعدم تمكنه من الالتحاق باقرانه ، حتى ان الواحد منهم يتحاشى المرور جنب جماعة النساء و الفتيات مخافة السخرية منه لان الدواوير لا تسكنها الاالنساء و الأطفال و العجائز.
2- تغير الهندسة المعمارية : خلفت الهجرة لفرنسا تغيرا في نمط البناء في الدواوير اشتوكية ، حتى ارتبط بموسم الصيف بموسم البناء و الرواج الاقتصادي ، فبفضل عائدات العمال بالخارج تخلى اهل اشتوكن على نمط البناء بالطوب و الطين و على الشكل الهندسي المعروف ببساطته و شكله الهندسي المزين بالابراج في الأركان و المكتفي بطبق فريد و زريبة للاغنام و ما يكتسبه من ماشية أخرى ، مقابل تشييد بنايات عصرية بالاسمنت و الحديد المدعم على الطراز الغربي و العثماني المعروف بالفيلا و القصور المشيدة على مساحات شاسعة على حساب المساحات المخصصة للمزروعات .
3- ظهور تفاوت طبقي : سببت الهجرة الى الخارج الى احداث شق كبير في هرم سكان الدواوير ، فقد ارتبط عما فرنسا بتكوين الثروة و الرقي في ترتيب السلم الاجتماعي الى طبقة متوسطة او ربما غنية في منظور عامة الناس ، مما اكسبهم راس مال مكنهم من احداث استثمارات في العقار و الفلاحة ، فقد ازدهرت عملية بناء الدور المعدة لكراء كبار الموظفين ، و استطلاح الأراضي المعدة لانتاج الخضر و الطماطم و المزروعات التسويقية الى غير ذلك .
اثر الحقول المغطاة على البنية السوسيولوجية باشتوكة
في معرض حديثه عن مرحلة السبعينات من القرن الماضي آ ثر الدكتور خالد العيوض تقسيم هذه المرحلة الى خمسة مراحل أساسية :
1- أواخر الستينات الى حدود بداية1973م
2- من 1973 الى 1980م
3- 1980الى1990م
4- 1990 الى ما حدود 2000م
5- من 2000 الى الان .

لنتحدث عن كل مرحلة على حدة بشكل مختصر لان الاسهاب فيها يحتاج الى كثير من الوقت و الجهد و استحضار المعطيات و الاحصائيات الدقيقة و هو ما لا يسعه المجال :
1- أواخر الستينيات الى بداية 1973 : كما سبقت الإشارة الى ذلك من ذي قبل فقد عرفت الينية السكانية في منطقة اشتوكن طفرة نوعية ، بسبب تدفق أموال الجالية الشتوكية بالخارج الشي الذي تسبب في ظهور فوارق طبقية تظهر تجلياتها في نوع المنازل و المساكن و تفاوتها بين المنازل القديمة المجتمعة في الدوار و بين منازل اهل الخارج الذين اختاروا الانعزال اما في ضيعات فلاحية او بناء مساكن عصرية خارج الدوار في إشارة منهم الى نوع من الاستقلال عن سيطرة الجماعة ( بسكون الجيم)
بالمقابل ظهرت فئة أخرى تعاني الفقر و الهشاشة خاصة بعد توالي سنوات الجفاف مما أدى بها الى بيع أراضيها لصالح الطبقة ” الغنيية ” الجديدة ” الجالية من الخارج بتوكيل احد افراد عائلتها ” وقد تحولت هذه الفئة من مالكة لاراضي رزاعية الى فئة عاملة تشتغل عند الميسورين من اهل الدوار اما بالاجرة او النسبة من الأرباح فظهر الخماس و الاجير و كل اشكال الاجارة التي تقرب للعبودية منها الى الاجارة .
2- فترة من 1973 الى 1980 :تميزت هذه الفترة بانشاء سد يوسف بن تاشفين وتم تدشينه سنة 1973 ليبدأ فيما بعد بضع مياه السقي في المناطق المحددة للسقي وهي المناطق التي تعرف عند اهل اشتوكة ب ” ” تاكوت ن الشانطي” ان صح التعبير : شرق الطريق و هي المناطق المسقية المعرفة فلاحية باراضي الباراج .
هذا التقسيم الفلاحي ساهم في في حركية الهجرات داخل اشتوكة بحيث نرى كثافة سكانية مهمة في الأراضي المسقية و ازدهارا عمرانيا و توسعا في العمران بينما نرى في المناطق الساحلية التي اغلب ساكنتها من العرب الوافدين كما راينا سابقا تعيش الهشاشة و التهميش و تعيش على إيرادات الرعي و ما يجود به البحر مع اغفال كبير للانشطة الفلاحية باستثنار انتاج الحبوب ان كانت السنة الفلاحية تعرف تساقطات على اعتبار ان المنطقة بورية لا تتدفق اليها مياه سد يوسف بن تاشفين .
فهذه الفترة لم تعرف تغيرا كبيرا يلاحظ على مستوى الهجرة لا ن أصحاب الأراضي يكتفون بزرع بعض الخظر و الطماطم بتقنيات بدائية و مساحات متحكم في استغلالها وهي ما يسمى بالزراعات المعيشية .
3- فترة من 1980 الى 1990م :
لعبت الظروف المناخية الدور الكبير خلال هذه المرحلة ، فان كان اهل اشتوكن يروا في الشمس عائقا لهم في زيادة انتاج بعض الخضروات بدعوى انها تحرق المحصول و تتسبب في اتلافه ، فانه في الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي فان فئة أخرى رأت في الشمس عاملا محفزا في الإنتاج و العطاء .
فبسبب هذه الشمس التي تبزرغ في سماء المنطقة تقريبا طوال السنة استقطبت مستثمرين أوروبيين أجانب برساميل طخمة تتجاوز المتوقع و بتقنيات حديثة لم تكن في الحسبان ، حولت الحقول الشاسعة الى بيوت وحقول مغطاة بالبلاستيك المعروف ب “لاسيير”
هؤلاء المستثمرون مكنوا من انتاج الطماطم و كل ما تحتاجه اوربا في الفترة التي تعرف الحقول الزراعية الاوربية جمودا بسبب موجات البرد و الثلج و الصقيع التي تجتاح بلادهم ، مما مكنهم من تحويل أراضي اشتوكة الى مشتلا و مصدرا مهما لتموين حاجياتهم الغذائية .
هذا التحول في النشاط الفلاحي من فلاحة معيشية تقليدية الى فلاحة عصرية تسويقية سترافقه تحول كبير على المستوى الاجتماعي ، فتنتشر ظاهرة كراء الأراضي و بيعها أحيانا و هذا التصرف حول بعض أبناء مالكي الأراضي الى شباب عاطل عن العمل يعيش على إيرادات كراء الأراضي للأجانب الى غيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية الأخرى .
وبما ان اهل اشتوكة لا يشتغلون عند الغريب و ان النساء الشكوكيات لا يشتغلن في الفلاحة الا ما كان من رعاية ماشية الدار من ابقار و قطيع شياه ، فان الحاجة ماسة الى يد عاملة تعين على الإنتاج ، يد عاملة لا تعرف الكل و الملل ، يد عاملة محتاجة الى كسب قوة يومها بعرق الجبين و بشتى الطرق ، و هنا ستتحول منطقة اشتوكة الى ما كانت عليه أوروبا بداية القرن 20 لذا سيضهر لنا “موغات “كثر ( نسبة الى فيليكس موغا الفرنسي) سيتكلفون بجلب يد عاملة من قبائل أخرى من المغرب
4- الفترة من 1990 الى 2000 :
يقال اثناء الازمات يظهر الطغاة ، ففي هذه الفترة شهدت منطقة اشتوكة ازمة ندرة اليد العاملة الفلاحة لتوسع النشاط الفلاحي و انتشار الشركات الفلاحية المتخصصة في تصدير المنتوجات الفلاحية ، بسبب هذا الوضج ضهر سماسرة اليد العاملة وهو ما اسميناهم ب موغات نسبة لموغا الفرنسي ، بحيث قام هؤلاء السماسرة بتهجير دوواوير بكاملها من مناطق مهمشة من مدن خنيفرة و اكلموس و حاحا و شياضمة وورزازات وقبائل زيان ليتم استوطانها في ضيعات فلاحية أولا ، ثم تخرج هذه الفئات لشراء بقع صغيرة بمساحة 40 و 60 متر وعلى الأكثر تقل عن 100 متر لتزداد هذه التركيبة السكانية الجديدة الى الخليط الاجتماعي الذي يعيشه سهل اشتوكة .
و الغريب في هذه الظاهرة ان كل قبيلة تنعزل بداية في دواوير محددة و محدثة من طرفها تحمل اسماءها و تنشر ثقافتها و قيمها ، فظهر لنا دوار العرب ، دوار حاحا ، دوار الشياضما ،دوار حمر ، دوار زيان ، دوار الميكا و دوار الرجا ف الله الى غير ذلك من الأسماء الدخيلة على ثقافة اشتوكن .
فكل هجرة جماعية تصاحبها هجرة ثقافية تحمل قيمها الإيجابية و السلبية ، و تكون بداية الامر غريبة و غير مقبولة عند قبائل اشتوكن ، لكن للزمن وقعه و بفعل التكرار تضحى هذه التصرفات مألوفة لتصير بعد ذلك جزء من النسيج الاجماعي لاشتوكن ، فبعد ان كانت المرأة اشتوكية يقتصر عملها على العمل المنزلي أجبرت الان الى الخروج للعمل في الضيعات الفلاحية اسوة بالعاملات القادمات من خارج المنطقة ، فقبل النزوح الجماعي لقبائل زيان و احمر و قبائل أخرى كان سهل اشتوكة مجتمعا محافظا جدا حتى كاد يكون منغلقا على نفسه متشبعا بقيم الإسلام السمحة من وقار و احترام و امن و امان الا ما نزر من الاحداث العرضية الشادة التي لا تؤثر على السمة الغالبية للمجتمع الشتوكي .
بعد ان انعزل ملاكوا الأراضي في ضيعاتهم الفلاحية و منازلهم الفخمة رغبة في الحفاض على وقارهم و حماية لاعراضهم و ممتلكاتهم ،اجبروا على ان يكونوا جيرانا لمنازل رثة يغلب عليها طابع الهشاشة سمتها الكبرى العشوائية في البناء لا تعطي لا جمالية و لا تمت للبناء المنظم بصلة، و كذا دور الصفيح و دور الميكة و البلاستيك و الفيلي الى غير ذلك من نماذج بناء صاحبت انتقال هؤلاء العمال بدأت بنايات مؤقتة لعابري السبيل لتتحول بعد ذلك الى مساكن رئيسية تأوي اسرا عدة تفرخ تجمعات سكنية عشوائية .

5- الفترة الزمنية من 2000 الى الان :
قبل سنوات التسعينات عرفت البنية السوسيولوجية لقبائل اشتوكة من حيث تدبير شؤونها مقتصرة على هيمنة الجْمَاعة ( لجماعت) فكانت كل قرارات القبيلة او الدوار يتم الحسم فيها من طرف اهل الحل و العقد و التي كانت تتخذ غالبا من المسجد مقرا لها ، و كان كل حركات الدوار و سكناته يشكل المسجد احد اهم ركائزها و الامام الفيصل الأول و الأخير والمرجع الاسمى .
ومع مطلع التسعينات بدأت البوادر الأولى للتغيير و التحول و بدأ سحب البساط من أصحاب العمائم من اهل لجماعت و بدأ يقل دور المسجد في تدبير شؤوون الدواوير و ذلك لسببين إثنين :
السبب الأول : ظهور طبقة جديدة من اهل الدوار ووهي الفئة المتعلمة المتخرجة من مختلف الجامعات المغربية الحاملة لمختلف التيارات الفكرية و التوجهات الأيديولوجية الحاملة لافكار تنموية ثائرة على الظروف المعيشية التي تعيشها مختلف الدواوير خاصة انعدام شبكة الماء الصالح للشرب و التغطية العامة للطاقة الكهربائية .
فامام هذا الوضع بدأ الشباب المتحمس في تأسيس جمعيات تنموية انطلقت أولا من الرغبة في حفر الابار و تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب مقابل استخلاصات شهرية تضمن للجمعية موارد مالية قارية تواجه بها كل التحديات .
فكانت جمعية باخير السباقة و الرائدة على الصعيد الوطني في عقد شراكة مع المكتب الوطني للكهرباء لتزويد دوار باخير بالكهرباء المنزلية على أساس تقاسم التكلفة 50% لكل طرف .
و بنجاح التجربة حدا كل دوار حدو جمعية باخير بتكوين شباب و تأطيرهم في جمعيات قصد تبني مشاريع جماعية و البحث عن الشراكات و تمميل لمشارعهم و قد توجت المجهودات المبدولة من طرف شباب الدوار لتحقيق أهدافها و مشاريعها بل كانت سباقة الى بعض المشاريع على الصعيد الوطني إ لى درجة ان الدولة تبنت مشارعهم و أفكارهم لتعممها على الصعيد الوطني ، و سمدكر منها خاصة اهم خمس جمعيات و مشاريع كان لها السبق وطنيا في مجالــها :
أ‌) المركب السوسيو ثقافي لايت ميمون : كان لهذا المركب السوسيو ثقافي الدور الكبير في تنظيم دورات تكوينية في كيفية تأسيس الجمعيات و تنظيم ميزانياتها و كيفية تطوير أداء الجمعيات ، و يرجع الفضل في ذلك لاعضاء جمعية ايت ميمون في احتضان كل الفعاليات الشابة في منطقة اشتوكة حتى بلغ صيتها خارج المملكة
ب‌) جمعية الماء الصالح للشرب و النقل المدرسي لجمعية اتحاد ايت علي : تعتبر جمعية اتحاد ايت على رائدة في العمل الجمعوي بجماعة انشادن ، فهي التي تقود قاطرة التنمية في المنطقة الى درجة انها تزاحم الجماعة الترابية في تحقيقة التنمية المستدامة و الرقي بالدوار، و بدأت الجمعية بتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب ليتطور شيئا فشيئا ليشمل جميع المجالات ، خاصة التربوية و الاجتماعية و الرياضية لينصب حاليا على الاشعاع الثقافي ، ومن اهم المشاريع التي حصلت جمعية اتحاد ايت علي على السبق الوطني ، بحيث كانت اول جمعية على الصعيد الوطني التي حققت مشروع النقل المدرسي الى حقيقة على ارض الواقع بعد ان كان حلما بعيد المنال .
فبعد ان شخص أعضاء الجمعية – اغلبهم ينتمون لسلك التعليم-وضعية الفتاة القروية خلصوا ان جل الفتياة ينقطعن عن الدراسة لبلوغهن مستوى السادس ابتدائي ، و رفض اهاليهن ارسالهن الى الداخلية الوحيدة في المنطقة ، فقد عمل أعضاء الجمعية بشراكة مع جالية الدوار بالخارج على اقتناء حافلة صغيرة تتكلف الجمعية بمصاريفها و استخلاص مساهمات رمزية شهرية لكل تلميذة ، و بتحقق هذه الفكرة على ارض الواقع تمكن اغلب الفتيات من اكمال دراستهن ليحصلن الان على اعلى الشهادات ، فتخرج من الدوار استاذات و مهندسات و تقنيات في شتى المجالات .
ج) مشروع السقي الجماعي بتوزايكو
د) مشروع كهربة القرى بباخير
إن العمل الجبار الذي قامت به الجمعيات التنموية في تزويد الدواوير بالماء و الكهرباء و تقديم مذكرات مطلبية للسلطات المحلية لتدشين المدارس و تأهيل الاحياء و الدواوير جعلها اكثر استقطابا للمهاجرين من مختلف المناطق المغربية خاصة اليد العاملين منهم .
الكثافة السكانية الكبيرة التي عرفتها مختلف الدواوير خلق مشاكل كثير للسكان ” الأصليين ” فمشكل الاندماج ضمن الوسط الجديد يضل قائما للوافدين فالاضافة الى اللغة التي تشكل عائقا للتواصل للطرفين فهناك مشاكل أخرى ظهرت شكلت مانعا لقبول اشتوكيين للوافدين عليهم خاصة من العرب و زيان بفعل اختلاف العادات و التقاليد واختلاف التصرفات .
السبب الثاني :
السبب الثاني هو تمرد الوافدين على لجْمَاعة و على الجمعية كذلك ، فالضيوف ” امزان”( لقب الوافدين على اشتوكة) يرفضون تحكم اهل الحل و العقد و أعضاء المسجد في مصيرهم ، و كذا رفص السكان إسكان الغرباء في محيطهم ، هذه المناوشات المتبادلة خلقا في بداية الامر بعد التوثر بين الوافدين و الجمعيات الموطرة للسكان ، فنتج عن ذلك امتناع الوافدين عن تأذية ما بدمتهم تجاه الجمعيات و امتناع الجمعيات عن تقديم خدماتها لكل من لم يؤدي واجباته لكن للزمن دوره في تحقيق الاندماج الكلي و تدويب الصعاب بشتى الطرق .
لقد قدمت الجمعيات التنموية بسهل اشتوكة خلال فترة تسعينيات القرن الماضي و بداية الالفية الثالثة خدمة جليلة للوطن ربما تفوق ما قدمته الجمعيات الترابية بنفسها ، إذ ساهمت في مساعدة عمال الضيعات الفلاحية و معامل التلفيف في الادماج الاجتماعي عن طريق احتضانهم و احتضان اسرهم و أطفالهم عبر تذويب الفوارق الاجتماعية و اللغوية و مساعدتهم في الانصهار داخل المجتمع الشتوكي مما جنب المنطقة كثيرا من الفتن و الصراعات الطائفية و الأثنية التي تذكيها مثل هذه الاعتزازات .
ان منطقة اشتوكة باعتبارها منطقة استقطاب و عبور المهاجرين مازالت تنتظرها تحديات كبرى و نهج تدابير استباقية بعد ظهور فئة أخرى خارجة عن الحسبان ، و هي استوطان افارقة جنوب الصحراء للمنطقة ، فما هي الإشكالات التي تخلقها هذه الفئة و ما هي التحديات التي تواجه منطقة اشتوكة تجاه الظاهرة .
تلك أسئلة و أخرى ثم اثارتها في المحاضرة سنحاول التطرق اليها .

هجرة الافارقة جنوب الصحراء الى اشتوكة : من منطقة عبور الى موطن استقرار .
استقطبت الضيعات الفلاحية يد عاملة من نوع اخر ، وهم المهاجرون الافارقة جنوب الصحراء ، و قد ثم الالتجاء الى هذه الفئة اول الامر لتعويض العمال و العاملات المغربيات الذين انخرضوا في النقابات و تشكيل فروع نقابية تدافع عن حقوقهم المشروع من ترسيم و تقييد في صناديق الضمان الاجتماعي و التغطية الصحية و غيرها .
و عند فتح الباب لهؤلاء الفارقة و السماح لهم بالشغل دون ادنى وثيقة تذكر فقد وجد فيها المهاجرون فرصة لتدبر مصافير الطريق نحو أوروبا و نقطة تحول في رحلتهم تجاه الحلم الأوربي المفقود .
وباعتبار ان الاجر اليومي مغر بالنسبة لهم و الشغل متوفر طوال السنة ودون انقطاع ، وان اغلب الضيعات الفلاحية توفر المأوى ضمن مساكن جماعية و قطاعات فلاحية ، فقد شجع ذلك العمال على الاستقرار و صرف النظر على اكمال الرحلة نحو المجهول .
و بتحسن الحالة المادية للمهاجرين الافارقة بدأوا في كراء المنازل داخل الدوواوير القريبة و شكلوا مجموعات افريقية يتقاسمهم اللون قبل اللغة و الانتماء ، فنسجوا علاقات تزاوج اغلبه غير شرعي فنتج عن دلك ولادة جيل من اصل افريقي على الأراضي المغربية الشتوكية ,
ان قضية المهاجرين الافارقة تشبه الى حد كبير هجرة المغاربة نحو اوربا بداية القرن العشرين ، و لها نفس القاسم المشتركة لهجرة القبائل العربية و قبائل زيان و احمر و حاحا نحو منطقة شتوكة .
نفس الظروف التي مروا منها يسلكها الان افارقة جنوب الصحراء لذا فالدولة المغربية مطالبة الى إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها هذه الفئة و التي ستشكل في المستقبل القريب عبء سواء للدولة في شخص جماعاته الترابية و جمعياته و ساكنته ,
ففي خضم كلمة للدكتور خالد العيوض الذي يشتغل على هذا الملف و اتخذ ” دوار اكرام ” كحالة للدراسة ، فقد وقف على عدة إشكاليات يطرحا استقرار الافارقة في الأوساط القروية ، و يأتي على راس هذه الإشكالات ما يلي :

  • قدرة استيعاب الدواوير على استيعاب الكم الهائل من هؤلاء الافارقة مختلفي الجنسيات و الأعراق و الديانات
  • اذا كان المسلمون نسبيا يندمجون بسهولة في المجتمع القروي لدوار اكرام فما حال المسيحيين منهم و ذوي الديانات الأخرى ، و قد حكي لنا ان راهبا منهم هاجر من بلده و تسلل بين العمال ليكتري بيتا بدوار اكرام ليحوله الى كنيسة تمارس فيها طقوس العبادات المسيحية على الطريقة الافريقية . فهل تسمح الدولة بذلك ؟ ام تقننه ؟ ام تتبنى دور العبادات لهؤلاء ؟
  • إشكالية المواليد الناتجين عن علاقات غير شرعية و الزيجات المنتشرة بين الافارقة بينهم ، خصوص وان الأطفال قد بلغوا سن التمدرس ، فباي طريقة يتم تسجيلهم ؟ و ان حصل تسجيلهم فهل يتابعون دراستهم مع أبناء المغاربة بشكل عادي ام تخصص لهم اقسام و معلمون و أساتذة خاصة بهم ؟ و ما محل التربية الإسلامية و التربية الدينية عموما في مناهجهم الدراسية ؟
  • مدى توفر الحضانات للأطفال الرضع و الأطفال ما قبل سن التمدرس ؟ خصوصا و ان اغلب المهاجرات عاملات يغبن عن مقرات سكناهم اسوة بالمغربيات ، فما هي الظروف الصحية و الطبية و مدى نظافة محيط رعاية هؤلاء الأطفال ؟
  • اشكال اخر يواجه الجميع بالدواوير تجلى في مقابر موتى المهاجرين غير المسلمين ، هل يدفنون مع المسلمين و هذا لن يرضى به المسلمون ، و هل يفنون بمقابر المسيحيين ؟ فالمسألة الأخيرة مكلفة ماديا فمن يتكفل بتبعات الدفن و التشييع خصوصا وان المقبرة الوحيدة لغير المسلمين توجد بجماعة اكادير البعيد نسبيا عن شتوكة .
    إشكالات كثيرة وتحديات جلى تنتظر إجابات و تستدعي اتخاذ تدابير استباقية لمواجهتها ، دون ان ننسى ان هجرة الافارقة لا تكون فردية جسدية فقط ، فهم ينقلون ثقافتهم و عاداتهم و اكلاتهم و لغاتهم و ديانتهم و انشطتهم التجارجة ، لذا عند القيام بجولة قصيرة في أدوار اكرام الدواوير الأخرى التي تعرف استقراهم عصرا يتخيل للمرء انه في بدة افريقية لكثرة الباعة و الحرفيين و علو صوت الموسيقى الافريقية فهل ستستوعب اشتوكة كل هذه التحولات السيوسيو ثقافية و المجالية في المستقبل القريب ؟ و ماهي التدابير المتخذة تجاهها . انتهــــى

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.