“الخبر العاجل”… من أداة مهنية إلى فوضى إخبارية؟

2025-08-04T17:36:26+00:00
2025-08-04T17:36:28+00:00
كتاب الرأي
Bouasriya Abdallahمنذ 20 ثانيةwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 20 ثانية
“الخبر العاجل”… من أداة مهنية إلى فوضى إخبارية؟
“الخبر العاجل”… من أداة مهنية إلى فوضى إخبارية؟

شعيب خميس/مشاهد بريس

في عصر يشهد فيه العالم تدفقًا غير مسبوق للمعلومات، وتزايدًا مطردًا في استخدام منصات التواصل الاجتماعي كمصدر أولي للأخبار، يطرح سؤال جوهري نفسه بإلحاح: هل ما زال “الخبر العاجل” يحتفظ بقيمته المهنية؟ أم أنه بات أداة مبتذلة ضمن سباق محموم للفت الانتباه وتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة؟

المفهوم التقليدي للخبر العاجل

في الأصول المهنية للإعلام، يُصنف “الخبر العاجل” على أنه معلومة ذات طبيعة طارئة، تطرأ دون سابق إنذار، وتحمل أهمية عامة وواسعة النطاق، تستدعي إيقاف البث أو تعديل أجندة الأخبار لنقلها فورًا. لكن، في ظل الإعلام الرقمي، تلاشت الحدود الفاصلة بين “العاجل” و”العادي”، وبين “الخبر” و”الترفيه”، مما خلق حالة من الإشباع الزائف للمحتوى العاجل.

من يقرر ما هو عاجل؟

في السياق المهني، يعتمد تصنيف “الخبر العاجل” على عدة معايير، من أبرزها:

مدى تأثير الحدث على الجمهور العام

طبيعته المفاجئة أو غير المتوقعة

علاقته بالأمن القومي أو الكوارث أو القرارات الحكومية الكبرى

مدى ندرة الحدث أو فرادته

غير أن هذه المعايير تآكلت مع الوقت، بعدما أصبحت بعض وسائل الإعلام تلجأ إلى استخدام الشريط الأحمر وعبارة “عاجل” للترويج لأي مستجد، حتى لو تعلق الأمر بتصريح مكرر، أو خبر ترفيهي لا يحمل طابعًا طارئًا.

“العاجل” في زمن “الترند”

تحول الشريط الأحمر من كونه أداةً تنبيهية مهنية إلى عنصر جذب بصري ومنافسة رقمية. لم يعد “العاجل” يُستخدم فقط للإبلاغ، بل أصبح وسيلة للبقاء في دائرة الضوء، خاصة في زمن “الترند” و”الهاشتاغ”، حيث يتراجع التحليل والتدقيق لحساب السرعة والسبق.

ويشير احد الكتاب، في مقاله “عاجل: كيف فقد الشريط الأحمر تأثيره؟”، إلى أن الاستخدام المفرط وغير المنضبط لعبارة “عاجل” أدى إلى تضخم إعلامي في المحتوى، وفراغ في المضمون، مما جعل المتلقي يفقد حساسية التفاعل مع الأخبار، بل ويتعامل مع التنبيهات المستعجلة بكثير من التوجس والسخرية.

النتيجة: فوضى إعلامية وثقة مفقودة

في خضم هذا التلاعب بالمهنية، أصبحت منصات الإعلام تواجه أزمة ثقة حقيقية مع جمهورها. ومع صعوبة التحقق الفوري من كل معلومة، وتعدد مصادر النشر، دخلت الصحافة في دوامة جديدة، عنوانها “من يصرخ أولًا يسمع أكثر”، ولو على حساب الدقة والمصداقية.

نحو استعادة المعايير

إذا أرادت المؤسسات الإعلامية أن تحافظ على مكانتها، فعليها أن تعيد النظر في مفهوم “الخبر العاجل”، وتلتزم بضوابط مهنية صارمة، تفرق بين “المثير” و”المهم”، وبين “السبق” و”الصواب”. فالسرعة وحدها لا تصنع إعلامًا مسؤولًا، بل قد تكون مدخلًا إلى التلاعب بالعقول وخلق ضجيج بلا معنى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.