إبراهيم بنطالب/مشاهد بريس
في إطار الدينامية القضائية الرامية إلى تطوير المنظومة العدلية بالمغرب، احتضنت المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير صباح يوم الجمعة 25 يوليوز 2025 يوماً دراسياً هاماً تحت عنوان: “قراءات في آليات تطبيق العقوبات البديلة”، بمشاركة نخبة من القضاة والمحامين وأطر العدالة وممثلي النيابة العامة، إلى جانب باحثين أكاديميين، ونشطاء إعلاميين وحقوقيين، ورؤساء الجماعات المحلية والقروية.
وقد استُهل اللقاء باستقبال رسمي للضيوف، تخلله تلاوة آيات بيّنات من الذكر الحكيم، ثم عزف النشيد الوطني، أعقبه تقديم كلمات افتتاحية ألقاها كل من رئيس المحكمة، وممثل هيئة المحامين بطنجة، ووكيل الملك، وممثل عن موظفي العدل، حيث عبّر الجميع عن أهمية هذا اللقاء في ترسيخ المفاهيم الحديثة للعدالة الجنائية، وخاصة ما يتعلق بالعقوبات البديلة كخيار إصلاحي يعكس التحول النوعي في السياسة العقابية بالمملكة.
وتميز اللقاء بخمس مداخلات علمية متخصصة:
المداخلة الأولى: ألقاها الأستاذ خالد الوالي العلمي، أستاذ التعليم العالي، حيث تناول مقتضيات القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، مسلطاً الضوء على الفلسفة الجديدة التي جاء بها لتجاوز محدودية العقوبات السالبة للحرية، واعتماد مقاربة إصلاحية وإنسانية.
المداخلة الثانية: قدمها القاضي منعم زروق، قاضي الحكم بالمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، ركّز فيها على الجوانب العملية لتطبيق العقوبات البديلة داخل قاعة المحكمة، واستعرض أبرز التحديات التي تواجه القضاة في تفعيل هذا الإطار القانوني على أرض الواقع.
المداخلة الثالثة: كانت للأستاذ محمد زروالي، المحامي بهيئة طنجة، الذي أبرز دور الدفاع في تنزيل القانون، مؤكداً أهمية تكوين المحامين في هذا المجال لضمان شروط المحاكمة العادلة والمتوازنة.
المداخلة الرابعة: ألقاها الأستاذ سفيان العلاوي، نائب وكيل الملك، تناول فيها صلاحيات النيابة العامة في سياق العقوبات البديلة، من خلال عرض تطبيقات واقعية وتوضيح العقبات التي تعترض ملاءمة الملفات مع مقتضيات القانون الجديد.
المداخلة الخامسة: قدّمها الأستاذ محمد حيسن، رئيس شعبة وحدة التبليغ والتحصيل، حيث شدد على الدور المحوري الذي تلعبه كتابة الضبط في تنفيذ مقتضيات العقوبات البديلة، باعتبارها ركيزة إدارية أساسية في إنجاح هذا الورش القانوني.
وقد اختُتم اللقاء بنقاش عام أغنته مداخلات الحاضرين من مختلف التخصصات، حيث تم تبادل الآراء والتجارب والتأكيد على ضرورة التكوين المستمر والشامل لجميع الفاعلين في منظومة العدالة لضمان نجاعة تطبيق العقوبات البديلة.
كما تم في ختام اللقاء توزيع شواهد تقديرية على المشاركين، قبل أن يُنظَّم حفل شاي على شرف الحضور.
ويُذكر أن هذا اللقاء العلمي يأتي في سياق المجهودات الوطنية لتعزيز آليات العدالة التصالحية، والتوجه نحو اعتماد العقوبات البديلة كوسيلة للحد من اكتظاظ المؤسسات السجنية وتحقيق أهداف إصلاح منظومة العدالة بالمملكة.
وفي سياق متصل، نوه الأستاذ نورالدين حمانو، الناشط الحقوقي والإعلامي، بتنظيم مثل هذه الأنشطة، معتبراً إياها دعامة للديمقراطية التشاركية ومصدر إشعاع حقوقي وقانوني مهم، يسهم في تحسيس وتوعية المواطنين بالمستجدات التشريعية والحقوقية.
كما دعا الأستاذ حمانو إلى دعم وتعميم هذه المبادرات الهادفة، خاصة داخل المؤسسات التعليمية والجمعيات المدنية، من أجل إيصال المعرفة القانونية المتعلقة بالعقوبات البديلة إلى كافة شرائح المجتمع، مشجعاً على استمرار تنظيم مثل هذه اللقاءات والمشاركة الواسعة فيها.