يوسف طرزا
إن ما عاشته مدينة إنزكان ليلة أمس ليس احتجاجاً، بل عبث وفوضى مكتملة الأركان. أن تخرج مجموعة من الشباب إلى الشارع للتعبير عن مطالب اجتماعية أمر مشروع ومكفول بالدستور، لكن أن يتحول هذا الحق إلى ممارسة همجية تزرع الرعب في نفوس الساكنة، وتحرق السيارات، وتخرب الممتلكات العامة والخاصة، فذلك لم يعد احتجاجاً بل جريمة في حق مدينة بكاملها.
لقد شاهد الجميع كيف تحولت شوارع إنزكان إلى ساحة حرب مفتوحة: حجارة تتطاير، نيران تلتهم السيارات، زجاج المتاجر متناثر، وأمنيون يواجهون العنف بأجسادهم لحماية المواطنين. فأي منطق هذا الذي يجعل من مطالب العدالة الاجتماعية ذريعة لتدمير الممتلكات وتعطيل مصالح الناس؟ وأي عقل يقبل أن يتم التعبير عن الغضب بتحويل مدينة آمنة إلى ركام؟
الاحتجاج لا يكون بالتخريب ولا بإشاعة الفوضى، بل بالانضباط والحوار. أما ما حدث فهو ضرب في الصميم لصورة إنزكان ولأمنها واستقرارها، وإساءة لكل مواطن شريف كان ينتظر تغييراً سلمياً ومسؤولاً. المحتجون الذين اختاروا هذا الأسلوب الهمجي أساؤوا لقضيتهم قبل أن يسيئوا للسلطات، وخسروا تعاطف الرأي العام الذي كان يساند المطالب الاجتماعية العادلة، فإذا به يصطدم بمشهد التخريب والانفلات.
إن المسؤولية اليوم تقتضي محاسبة كل من تورط في هذه الأفعال، لأن التهاون مع الفوضى سيجعل من العنف قاعدة ومن الحوار استثناء. فمدننا لا تحتاج إلى مشاهد الخراب كي يسمع صوتها، بل تحتاج إلى وعي جماعي بأن التغيير لا يُبنى على الرماد، وإنما على احترام القانون والمؤسسات.