سابقة قضائية بسطات: المحكمة الابتدائية تصدر أول حكم بالعقوبات البديلة وتستبدل الحبس بالعمل لأجل المنفعة العامة

2025-09-23T09:08:02+00:00
2025-09-23T09:08:04+00:00
جهويات
Bouasriya Abdallahمنذ 21 ثانيةwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 21 ثانية
سابقة قضائية بسطات: المحكمة الابتدائية تصدر أول حكم بالعقوبات البديلة وتستبدل الحبس بالعمل لأجل المنفعة العامة

شعيب خميس/ مشاهد بريس

شهدت المحكمة الابتدائية بمدينة سطات، يوم أمس الاثنين 22 شتنبر 2025، حدثاً قضائياً بارزاً يُسجل كخطوة أولى في تفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، حيث أصدرت هيئة الحكم أول قرار قضائي يقضي باستبدال عقوبة حبسية نافذة بعقوبة بديلة تتمثل في العمل لفائدة المنفعة العامة.

القضية تعود إلى متابعة أحد الأشخاص بتهمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولة مهامه، حيث كان مقرراً أن يقضي المتهم شهرين حبسا نافذاً مع أداء غرامة مالية قيمتها 500 درهم. غير أن المحكمة قررت، استناداً إلى مقتضيات القانون الجديد، استبدال هذه العقوبة بأداء 180 ساعة من العمل لفائدة المنفعة العامة داخل المركز الاستشفائي الإقليمي بسطات.

ولم يفت المحكمة أن تشدد على أن تنفيذ هذه العقوبة البديلة يظل مشروطاً باحترام المحكوم عليه للالتزامات المفروضة عليه، مع التنبيه إلى أن أي إخلال أو تقصير في التنفيذ سيؤدي تلقائياً إلى تفعيل العقوبة الحبسية الأصلية الصادرة في حقه.

أما في الشق المدني من الدعوى، فقد أصدرت الهيئة القضائية حكمها بقبول الطلب شكلاً، وفي الموضوع قضت بإلزام المتهم بأداء تعويض مدني إجمالي قدره 2000 درهم لفائدة الموظف الضحية، مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإكراه البدني في أدنى مستوياته.

سابقة قضائية ذات بعد إصلاحي

يمثل هذا الحكم سابقة على مستوى المحكمة الابتدائية بسطات، بل ويُعد من العلامات البارزة في مسار تفعيل السياسة الجنائية الجديدة بالمغرب. فهو يترجم على أرض الواقع إرادة المشرع في تقليص الاعتماد على العقوبات السالبة للحرية في الجنح البسيطة، مقابل اعتماد بدائل أكثر إنصافاً ونجاعة، تراعي مصلحة المجتمع وتحفظ كرامة المحكوم عليهم في الوقت ذاته.

كما أن اختيار العمل لفائدة المنفعة العامة داخل مؤسسة صحية عمومية، يحمل في طياته رسالة قوية مفادها أن العقوبة لم تعد تقتصر على الحرمان من الحرية، بل أضحت وسيلة لإصلاح الفرد وتمكينه من رد جزء من الدين للمجتمع، عبر خدمة مرفق حيوي يعود نفعه على المواطنين.

انسجام مع التوجهات الملكية والإصلاحات الكبرى

هذا القرار القضائي يأتي منسجماً مع التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت تؤكد على ضرورة إصلاح منظومة العدالة وتطوير السياسة الجنائية بما يضمن تحقيق التوازن بين متطلبات الردع وحماية الأمن العام، وبين صون الكرامة الإنسانية وإعادة إدماج الأفراد في المجتمع.

ويُعتبر القانون رقم 43.22 خطوة استراتيجية ضمن الإصلاحات الكبرى التي يشهدها قطاع العدالة بالمغرب، إذ وسّع من نطاق العقوبات البديلة لتشمل العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، الغرامات اليومية، والتقييد ببعض التدابير التي تقلل من فرص العودة إلى ارتكاب الجريمة.

تعزيز الثقة في العدالة

من المنتظر أن يساهم هذا التوجه الجديد في تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، التي تعاني من الاكتظاظ، مع ما يترتب عنه من إشكالات اجتماعية وأمنية، فضلاً عن فتح آفاق أوسع أمام المحكوم عليهم للاندماج الإيجابي في محيطهم الأسري والمهني.

كما أن تفعيل هذه البدائل يعزز ثقة المواطن في مؤسسة القضاء، باعتبارها لا تقتصر على إنزال العقوبات، بل تسعى أيضاً إلى الإصلاح والتقويم وإيجاد حلول أكثر واقعية وإنسانية تتماشى مع خصوصيات المجتمع المغربي.

نحو عدالة أكثر إنسانية

إن الحكم الصادر عن ابتدائية سطات ليس مجرد قرار قضائي عادي، بل هو بداية لمسار جديد في الممارسة القضائية المغربية، عنوانه الأبرز: عدالة أكثر مرونة وإنسانية، قادرة على التوفيق بين حقوق الضحايا، ومتطلبات حماية المجتمع، وضرورة إصلاح المخطئين وإعادة تأهيلهم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.