من يعيد لنا السياسة ؟

2025-07-16T07:43:35+00:00
2025-07-16T07:43:38+00:00
كتاب الرأي
Bouasriya Abdallahمنذ 22 ثانيةwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 22 ثانية
من يعيد لنا السياسة ؟
من يعيد لنا السياسة ؟


بقلم محمد سعودي


في زمن كثرت فيه البهرجة وضاعت فيه المعاني وأصبح فيه ضجيج الكلمات يعلو على وقع الأفعال؛
أصبحنا اليوم نجد أنفسنا أمام سؤال جوهري : ما الذي تبقى من السياسة إن جردت من القيم وغابت عنها المبادئ وصارت أقرب الى فضاء للتهريج وخلق “البوز والتنابز”من ميدان للتفكير والتدبير؟
لقد ابتعدت السياسة، أو أُبعدت، عن غاياتها النبيلة، ولم تعد كما أرادها الكبار من بناة الدول: أداة لخدمة الناس، ورافعة لتقدمهم، ومرآة لتطلعاتهم. باتت اليوم، في كثير من المشاهد، مجالاً لتبادل التهم، وتكريس الفراغ، والتسابق نحو الظهور السطحي بدل البناء العميق. أين نحن من السياسة التي تؤطر الشباب وتوجههم؟ أين نحن من خطاب يحمل همّ الناس، لا همّ الأصوات والانتخابات فقط؟
إن شبابنا اليوم يعيش زمناً غريباً ومطبوعاً بالعنف في المعنى. توتر داخلي، اضطراب في القيم، انسحاب من الفضاء العام، شعور بالإقصاء واللامعنى… كلّها أعراض مجتمع يبحث عن بوصلة. وليس من جواب أعمق من سياسة تُحاكي وجدان الشباب، تأخذ بيده، وتمنحه الأفق بدل الانغلاق، والأمل بدل التيه.

وبما أن المسؤولية هي تكليف جماعي تتقاسمه الأسرة، والمدرسة، والحزب، والجمعيات، وكل مؤسسات الوساطة. لا يُمكن لسياسة أن تنجح إن لم تسندها ثقافة، ولا يُمكن لمجتمع أن ينهض إن لم تُؤطره نخبه بالمعرفة والالتزام. لذلك نحن بحاجة إلى نهضة ثقافية شاملة تُعيد الاعتبار للمثقف كمؤثر، كصوت ضمير، كقوة اقتراح داخل الفضاء العام.
لقد آن الأوان لنخرج السياسة من جاذبية البهرجة، ونُعيدها إلى فضاء الحوار الصادق، والإصغاء الفعلي للناس. آن الأوان لننتقل من “سياسة الواجهة” إلى “سياسة الأثر”، ومن “الحسابات الحزبية” إلى “رؤى وطنية” تأخذ بعين الاعتبار أحلام شبابنا ومخاوفهم، وتُعيد لهم الثقة في معنى الانتماء، والانخراط، والتغيير.
لسنا بحاجة إلى المزيد من الكلام… نحن بحاجة إلى من يعيد للسياسة معناها، وللثقافة رسالتها، وللشباب كرامته في وطن يؤمن بهم، ويمنحهم مفاتيح الحلم .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.