إبراهيم يعݣوبي/ مشاهد بريس
على مشارف جماعة أولاد أكواوش بدائرة أبي الجعد، تنتصب صامدة في وجه الزمن والإهمال، قنطرة الدار الحمراء على وادي تخزريت. هذا المعلم التاريخي العريق، الذي يعود تاريخه إلى قرون خلت، يقف اليوم شاهداً حزيناً على حقبة زمنية مجيدة وعلى إرث حضاري مغربي يتآكل تحت وطأة النسيان واللامبالات.
تلك القنطرة، التي كانت في يوم من الأيام معبراً استراتيجياً للقوافل التجارية التي ربطت بين تادلة والدار البيضاء، تحولت اليوم إلى مجرد أطلال تستغيث بوزارة الثقافة وبكل الغيورين على تاريخ هذا الوطن.

فالزائر الذي يقف أمام بنيانها الشامخ، الذي يروي حكايات عن قوة ومتانة هندسة الماضي، لا يسعه إلا أن يتساءل عن سر هذا الإهمال الذي طال تحفة معمارية كهذه.
أربعة قرون من التاريخ.. وواقع مرير من التدهور:
تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن بناء قنطرة الدار الحمراء يعود إلى عهد السلطان مولاي إسماعيل، بينما ترجح أخرى أنها أقدم من ذلك، ربما إلى فترة الموحدين أو المرينيين أو العلويين الأوائل. كيفما كان الأمر، فإن هذا المعلم يمثل جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للمنطقة، وشاهداً على الدور الحيوي الذي لعبته في ربط أزيلال وقصبة تادلة وأبي الجعد.
لكن هذا التاريخ العريق يقابله واقع مرير من التدهور. فقد تآكلت أجزاء من القنطرة بفعل عوامل الزمن والأمطار الغزيرة، وبسبب قلة الاهتمام والترميم. واليوم، يخشى الكثيرون من أن تستمر هذه الحالة إلى أن تنهار القنطرة وتندثر معها معلمة تاريخية وثقافية لا تقدر بثمن.
وقد بذلت جمعية النور للمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة جهوداً حثيثة للفت انتباه المسؤولين إلى الوضع المأساوي الذي وصلت إليه القنطرة، لكن هذه الجهود لم تثمر بعد النتائج المرجوة. فهل سيستمر تجاهل هذه الصرخات، وهل سنشهد ضياع معلمة تاريخية أخرى بسبب الإهمال؟