الحمايـــــة الإجتمــــــاعية للمحاميــــن بين أنظمة الهيئات وقانوني التأميــــن الاجباري على المرض والمعاشات.

2020-04-13T18:05:18+00:00
2020-04-13T18:08:40+00:00
كتاب الرأي
admin13 أبريل 2020wait... مشاهدةآخر تحديث : منذ 3 سنوات
الحمايـــــة الإجتمــــــاعية للمحاميــــن بين أنظمة الهيئات وقانوني التأميــــن الاجباري على المرض والمعاشات.
الحمايـــــة الإجتمــــــاعية للمحاميــــن بين أنظمة الهيئات وقانوني التأميــــن الاجباري على المرض والمعاشات.

بقلم الاستاذ:امسكين رشيد

لقـد أضحـت الحمايـة الاجتماعيـة اليـوم حقـاً مـن حقـوق الإنسان الأساسية، بعدمـا كانـت تعتبـر علـى مـدى قـرون مـن الزمـن، مـن حيـث المفهـوم والممارسـة، فـي المغـرب وفـي غيـره مـن بقـاع العالـم، عمـالا ذا بعـد إنسـاني وشـكلا مـن أشـكال العمـل الخيـري والإحسـان والبـر،. على اعتبار ان الحق في الحماية الاجتماعية اصبح مكرس في الاتفاقيات الرئيسية للامم المتحدة و منظمة العمل الدولية  ومنظمة الصحة العالمية حيث جاء في المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مـا يلـي:   ” لكل شخص بوصفه عضوا في المجتمع حق في الضمان الاجتماعي  ومن حقه  ان توفر له ، من خلال المجهود القومي و التعاون الدولي وبما يتفق  مع هيكل كل دولة و مواردها، الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته و لتنامي شخصيته في حرية ،   كما اكد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في المادتين 9 و 10 على حق كل  شـخص فـي الضمـان الاجتماعي، بمـا فـي ذلـك التأمينـات الاجتماعية مع  وجــوب توفيــر حمايــة خاصــة للأمهات خــلال فتــرة معقولــة قبــل الوضــع وبعــده، وينبغــي منــح الأمهات العامــلات، أثنــاء الفتــرة المذكــورة، إجــازة مأجــورة أو إجــازة مصحوبــة باســتحقاقات ضمــان اجتماعــي كافية . «.

 إضافة الى ما سبق فإن نظم الحماية الاجتماعية تحضى بمكانة بارزة  بين أهداف الأمـم المتحدة لتنمية المستدامة، حيث دعت الأمم المتحدة مختلف الدول الى استحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني للجميع ووضع حدود دنيا لها، وتحقيق تغطية صحية واسعة للفقراء والضعفاء بحلول عام 2030.

اما فيما يتعلق بالمغرب فالدستور المغربي لسنة 2011 نص في الفصل 31 منه على انه تعمل الدولة و المؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئى كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطناتو المواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج و العناية الصحية ، الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية و التضامن التعاضدي او المنظم من لدن الدولة .

 وتجدر الإشارة الى أن  وضــع نظــام الحمايــة الاجتماعية يعود إلــى أقــل مــن قــرن مــن الزمــن، حيــث رأى النــور مــن خــلال هيئــات تعاضديــة فــي نهايــة عقــد العشــرينيات مــن القــرن الماضــي  الذي تمحــور حــول أنظمــة الضمـان الاجتماعي بشـكل رئيسـي لفائـدة موظفـي القطـاع العمومـي وأعـوان مؤسسـات الدولـة، خـلا فتــرة الحمايــة، قبــل أن يتــم غــداة حصــول المغــرب علــى الاستقلال وضــع نظــام للضمــان الاجتماعي لفائـدة أجـراء القطـاع الخـاص، كما عملت الدول خلال الفترة الأخير على  وضـع نظـام الضمـان الاجتماعي لفائـدة العمـال المسـتقلين وأصحـاب المهـن الحـرة والطلبـة،

لكن رغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة  فانه يمكن القول ان المنظومة الاجتماعية في المغرب  تواجهة  العديد من الصعوبات وذلك راجع الى كون المبادرات التي قامت بها الدولة في الصدد تتسم بطابعهــا المتجــزئ وتعــدد البرامــج والمتدخليــن ومرجعيــات الأهداف وأســاليب تقييــم النتائــج، فــي غيــاب أي تنســيق حقيقــي أو رؤيــة علـى المـدى المتوسط و البعيد وينطـوي هـذا الوضـع علـى مخاطـر تتعلـق بهـدر الوقـت والكفـاءات، وبعـدم تفعيـل التوصيـات والغايــات المنبثقــة عــن الدراســات التقنيــة، أو الحــوار الاجتماعي، أو مؤسســات الحكامــة والمراقبــة كالمجلــس الأعلى للحســابات، و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي .

إن الفجـوة التـي يعرفهـا المغـرب فـي مجـال الحمايـة الاجتماعية ليسـت قـدراً محتومـاً. فهـي نتـاج تضافر إكراهـات متعـددة، تتمثـل علـى وجـه الخصـوص فـي غيـاب رؤيـة سياسـية مشـتركة، وغيـاب اسـتراتيجية رسـمية  ونظـام موحـد للمعلومـات وللمحاسـبة فـي مـا يتعلـق بالأداء فـي مجـال التغطيـة الاجتماعية؛ وتعـدد المصالـح التقنيـة الوصية  و هيئات الرقابة و ضعف التنسيق بينها ، و الطابع المتقطع للحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف وضعف  تتبع القرارات المتمـخضة عنه بشأن الحماية الاجتماعية  ، و لعل  ما يزكي هذا تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية سنة 2017 يصنف المغرب من بين الدول التي  تتوفر على إمكانيات عالية في شأن الحماية الاجتماعية لكنه يصنف أيضا من بين البلدان التي لديها مستوى منخفض من الإرادة السياسية  للاستثمار في القطاع الاجتماعي.

 ان إعادة هيكلة المنظومة الحماية  الاجتماعية  فـي المغـرب بمـا يتوافـق مـع المعاييـر الدوليـة ذات الصلـة، لاسـيما اتفاقيـة منظمـة العمــل الدوليــة رقــم 102 والتوصيــة رقــم 202 ،يُعَــدُّ أمــراً ضروريــاً مــن أجــل وضــع أرضيــة للحمايــة الاجتماعية تُمكِّـن علـى المـدى المتوسـط مـن توفيـر الشـروط الكفيلـة بإرسـاء منظومـة وطنيـة للضمـان الاجتماعي تكـون متكاملـة وشـاملة وتضامنيـة، تقـوم علـى صـون الكرامـة وإدمـاج الجميـع، فضـلا عـن توطيـد أواصـر التماسـك الاجتماعي وتعزيـز التنميـة الاقتصادية للبـلاد.

تأسيسا على ما سبق فان  مقاربة  موضوع الحماية الاجتماعية لا بد وأن تكون انطلاقا من خلفية حقوقية بالدرجة الاولى ، حيث أنها حق أساسي من حقوق الإنسان غير قابل للتجزئة أو للتطبيق المؤقت ، علما أن العديد من التقديرات أشارت إلى أن اعتماد أرضية الحماية الاجتماعية لا يتطلب أكثر من 1 او 2 % من الناتج المحلي حتى في الدول الأكثر فقرا.

أما بخصوص مهنة المحاماة ، فلا بد من الإقرار بداية أن موضوع الحماية الاجتماعية للمحامين  لم يكن يكتسي أية راهنية قصوى ضمن اهتمامات مجالس الهيئات ، كما لم يكن حاضرا بقوة ضمن توصيات مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب ، والتي يمكن التمييز ضمن مسارها بين ثلاث محطات : تميزت الأولى بغلبة الطابع الحقوقي على مطالبها، بينهما حضر الهاجس المهني بقوة خلال المحطة الثانية ، ثم اتسمت المرحلة الثالثة بحضور الجانب الاجتماعي ، وكانت أخر محطة ضمن هذه المرحلة ما تضمنته التوصيات الصادرة عن المؤتمر 29 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بالجديدة خلال شهر ماي 2016 ، والتي من ضمنها، مطالبة الدولة بضرورة المساهمة في الأعباء الاجتماعية للمحامين بواسطة صناديقها المتخصصة إسوة بباقي القطاعات وتوحيد أنظمة التكافل الاجتماعي على مستوى جميع الهيئات مع مراعاة خصوصية كل هيئة.

هذا ومن المعلوم أن الحماية الاجتماعية للمحامي ترتبط بكرامته، إذ أن وصول المحامي لدرجة معينة من الاحتياج هو مساس بمكانته الاجتماعية وتقليل من شأنه، لا سيما وأن صحة المحامي هي من بين أهم حصص رأسماله، لذا فإن الضرورة حتمت إيجاد السبل الكفيلة بحماية المحامي لأن في ذلك حماية للمهنة ككل. ولذا أوجد المشرع قواعد تحتم على مجالس  الهيئات السهر على تحقيق الحماية الإجتماعية للمحامي، على اعتبار أن  مواجهة الأعباء الاجتماعية للمحامين من تغطية صحية وتعويض في حالة العجز عن العمل ، وتقاعد ، وتعويض عن الوفاة ظلت هاجسا يؤرق عموم المحامين بالمغرب، خاصة أن هناك اجماع حول حاجة المحامين الى سجل اجتماعي  يكفل توحيد المساعدات الاجتماعية لهم، في اطار  احترام كرامة المحامين و حقوقهم الأساسية.

في الحقيقة إن ما  جعلني  اخوض مغامرة الكتابة في هذه الموضوع ، الظروف الطارئة التي يعشيها العالم عامة و المغرب خاصة و المتمثلة في انتشار فيروس كوفيد 19 المستجد، والتي ستكون له اثار وخيمة على مهنة المحاماة نتيجة التوقف الشبه التام للمحاكم عن العمل  بسبب التدابير الاحترازية التي اتخدتها الدولة و التي تنذر بإمكانية دخول اغلب مكاتب المحاماة مرحلة كساد لا يمكن التنبؤ بكافة تداعياتها في هذه اللحظة، وهو الامر الذي حتم علينا كمحامين التفكير في الجانب الاجتماعي  وإيجاد بدائل للمعضلة الاجتماعية ، وفي هذا الإطار من اجل تعزيز الحماية الاجتماعية للمحامين  أصدرت مختلف  مجالس هيئات المحامين على مستوى الوطني بلاغات قررت من خلالها تخصيص مساعدة لكل المحامين لمواجهة اعبائهم و التزاماتهم المهنية  طيلة فترة  حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها بمقتضى مرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 24 مارس 2020، و هو ما يجسد البعد الاجتماعي لمهنة المحاماة غير ان السؤال المطروح هنا  هل مثل هذه المبادرات  و الإجراءات  تحقق فعلا حماية لكل المحامين و تساعدهم على مواجهة اعبائهم ؟ الا يمكن اعتبارها مجرد حلول جزئية في ظل تملص الدولة في توفير حماية اجتماعية للمحامين؟ ما مدى نجاعة الأنظمة الاجتماعية للهيئات ؟ و هل مكنت من اعمال  المقتضيات الدستورية و التشريعية المتعلقة بالضمان الاجتماعي و المساعدة الاجتماعية؟ وماهي الفوارق القائمة بين الحماية الاجتماعية التي تقدمها الهيئات للمحامين و الحماية التي تعرضها الدولة من خلال القانونين 98.15 و 99.15 المتعلقين بالتامين الاجباري عن المرض و المعاشات ؟ وما هو موقف المؤسسات المهنية من القانونين؟

انني من خلال هذا الموضوع سأحاول المساهمة في توضيح المفاهيم المرتبطة بالحماية الاجتماعية للمحامين، وإثارة الانتباه  الى أهمية الفجوات القائمة بين مستوى العرض الذي تقدمه الأنظمة الاجتماعية للهيئات حاليا و طموحات  و متطلبات المحامين  في الجانب الاجتماعي، على أن نعرج كذلك من خلال هذا الموضوع على اهم المقتضيات التي جاء بها القانون 98.15 المتعلق  بنظام التأمين الإجباري الأساسي على المرض الخاص بفئات المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.17.15 بتاريخ 23 يوليوز 2017، كما اننا سنقف  كذلك على اهم المقتضيات التي جاء بها كذلك القانون رقم 99.15 باحداث نظام للمعاشات الخاص بنفس الفئات المذكورة و الصادر بتنفيذ الظهير الشريف  رقم 1.17.109 بتاريخ 5 دجنبر 2017.

 ان مقاربة موضوع الحماية الاجتماعية للمحامين بين أنظمة الهيئات و القانونين 98.15 و 99.15 يقتضي منا تقسم هذه الدراسة الى ثلاثة محاول ، المحور الأول نتناول فيه الحماية الاجتماعية للمحامين من خلال أنظمة الهيئات، ، اما المحور الثاني نستعرض فيه شكل الحماية الاجتماعية من خلال تجربة هيئات المحامين بأكادير ، اما المحور الثالث نخصصه لقراءة القانون 98.15 المتعلق بنظام التامين الاجباري الأساسي على المرض الخاص بفئات المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، و القانون 99.15 المتعلق بإحداث نظام للمعاشات الخاص بنفس الفئات المذكورة و ذلك كما يلي :

المحـــــور الأول: الحمــــــايـــــــة الاجتماعيــــــة للمحاميـــــن من خــــــــلال أنظمــــــة الهيئـــــات

اذا كان من اختصاصات المؤسسات المهنية أساسا هو ضمان التسيير الإداري و التدبير اليومي لعمل الهيئة ، فإن  المشرع اوكل للهيئات كذلك مسؤولية تدبير الشأن الاجتماعي وهذا ما تضمنته المادة 91 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة حيث جاء في المادة المذكورة  مايلي:” يتولى مجلس الهيئة زيادة على الاختصاصات المسندة اليه النظر في كل ما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة المهام التالية:

…………………………………………

………………………………………….

………………………………………….

إدارة أموال الهيئة و تحديد واجبات الاشتراك و ابرام عقود التامين عن المسؤولية المهنية لاعضائها مع مؤسسة مقبولة للتأمين،

إنشاء و إدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، و توفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات و المعاشات لهم او للمتعاقدين منهم او لأراملهم و أولادهم سواء في شكل مساعدات مباشرة او عن طريق تأسيس صندوق للتقاعد او الإنخراط في صندوق مقبول للتقاعد.”

و نظر للأهمية الكبيرة التي أصبح  يحظى به الشأن الاجتماعي لدى مختلف الهيئات، بادرت  هذه الأخيرة الى  البحث عن حلول لمعضلة الاجتماعية في ظل تملص الدولة من القيام بواجبها، من قبيل إبرام عقود التأمين الجماعية مع شركات التامين بخصوص التغطية الصحية والتامين عن الوفاة ، لكن هذه التجربة لم تكلل بالنجاح بسبب غلبة شروط الاذعان عليها وارتفاع قيمة أقساط التامين بشكل صاروخي ، و هو ما حذا بالهيئات الى البحث من جديد على بدائل ممكنة لتدبير الشأن الاجتماعي للمحامين ، وفي هذا الاطار تم انشاء التعاضدية العامة لهيئات المحامين  بالمغرب و ذلك سنة 2008 ، و سوف اقتصر في هذا الموضوع على استقراء تجربة التعاضدية العامة  لهيئات المحامين بالمغرب في مجال  التامين الصحي  و التعويض عن الوفاة.

جدير بالذكر أن  عمل التعاضدية انطلق  بشكل فعلي خلال يناير 2008 بعد أن اتخذ مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب قراره خلال اجتماعه المنعقد في ضيافة هيئة المحامين بالناظور بتاريخ  24 فبراير 2007 و القاضي،  احداث ” التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب “ في إطار مقتضيات ظهير 12 نونبر 1963 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل، مع تكليف اللجنة القانونية بدراسة الجانب القانوني و المالي و التقني لخلق هذه المؤسسة الاجتماعية.

وقد صودق على هذه النظام من طرف الجمع العام التأسيسي للتعاضدية والذي انعقد في ضيافة هيئة المحامين بالدار البيضاء يوم 23 يونيو 2007، وقد تم خلال هذا الجمع العام التأسيسي انتخاب الأجهزة المقررة للتعاضدية والتي سهرت على تدبير شؤونها حتى الآن.

 هذا و قدم ملف التعاضدية بعد ذلك إلى كل من وزارة التشغيل و التكوين المهني، و وزارة الاقتصاد والمالية قصد المصادقة و الترخيص، بحث  تمت الموافقة المبدئية  على الترخيص للتعاضدية خلال دجنبر 2007 ،  ليتم بعد ذلك  نشر قرار المصادقة و المرافقة على تأسيس التعاضدية بالجريدة الرسمية عدد 5608  بتاريخ 28 فبراير 2008.

ومند بداية عمل التعاضدية   سهر الطاقم الإداري المكلف بأعمالها  على إدارة الملفات مع تبني خطة عمل حديثة تهدف إلى الاستجابة لكل المتطلبات التقنية و الإدارية و المالية المعمول بها في أحسن التعاضديات، و في هذا الاطار نشير  الى انه  منذ بداية نشاط التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، بادرت كل الهيئات بدون استثناء بتسديد واجبات الانتساب إلى التعاضدية. وقد بلغ عدد الهيئات المنخرطة في التعاضدية بصفة فعلية حتى الآن خمسة عشرة هيئة من مجموع الهيئات السبعة عشرة.

هذا و تهدف التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب حسب المادة الأولى منها إلى تغطية المصاريف الطبية و الجراحية و الصيدلية ومصاريف اقتناء أدوات التقويم التي يتم دفعها من طرف المستفيدين من خدمات التعاضدية ، وكذا صرف تعويض  عن الوفاة في إطار صندوق مستقل بالإضافة إلى الإسعاف الصحي في حالة المرض أو الحوادث أو الوفاة ، و الوقاية من الخاطر الاجتماعية وجبر الأضرار التي قد تترتب عنها ،كما تهدف التعاضدية أيضا إلى حماية  الطفولة و الأسرة ، و كذا احداث نظام تقاعد أساسي أو تكميلي لفائدة الأعضاء المساهمين في إطار صندوق مستقل، هذا بخصوص اهداف التعاضدية اما فيما يتعلق بانخراط في التعاضدية نشير هنا الى انه يمكن ان ينخرط في التعاضدية المحامون المسجلون  بإحدى هيئات المحامين بالمغرب ( شرفيون و رسميون و متمرنون )  كما ان خدمات التعاضدية يستفيد فيها كذلك  بالإضافة الى المنخرطين أزواجهم و ابناؤهم  وفق الشروط المنصوص عليها في الضابط  الداخلي للتعاضدية علاوة على ما سبق يمكن للأرمل و الأرملة و كذا الأيتام عند وفاة الزوج المنخرط  الاستفادة من خدمات  التعاضدية شريطة أداء الاشتراكات طبقا لما نصت عليه المادة السابعة من النظام الأساسي لتعاضدية هيئات المحامين بالمغرب .

هذا ومن أجل تحقيق الأهداف التي تنشدها التعاضدية وكذا من أجل التطبيق السليم لمقتضيات النظام الأساسي لتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالغرب قام المجلس الإداري بوضع الضابط الداخلي للتامين الصحي الذي يحدد كيفية الانخراط في التعاضدية و كذا الخدمات المعوض عليها من طرف التعاضدية  وهي محددة في جدول التعريفات وتم حصر هذه الخدمات في اطار المادة 18  من النظام الداخلي للتأمين الصحي ، فضلا على المراقبة التي تقوم بها التعاضدية بحيث خول لها هذا الضابط الداخلي القيام باي اجراء بحث تراه مفيدا ،  كما تناول الضابط الداخلي للتأمين الصحي كذلك كيفية الاستفادة من الـتأمين الصحي  التكميلي، الذي يستفيد منه المحام في حالة  كانت المبالغ المصروفة للملف موضوع الاسترجاع تساوي أو تفوق مبلغ : 2000,00 درهم، يستفيد المؤمن من تعويض تكميلي بنسبة 20% من التسعيرة الوطنية المرجعية لتكون بذلك استفادته من تعويض أساسي وتكميلي في حدود الوطنية المرجعية ، على أن تستثنى من عتبة : 2000,00 درهم كل الملفات التي تتعلق بمرض خطير أو مزمن يستلزم علاجات طويلة الأمد أو مكلفة ، كتصفية الدم ، وأمراض السرطان ، ومرض فيروس الكبد C ( HEPATITE C) ، حيث تتحمل التعاضدية في هذه الحالات نسبة تصل الى 100% من كل المصاريف حسب التسعيرة الوطنية المرجعية لهذه الامراض كما حددت من طرف الوكالة الوطنية للتامين عن المرض .طبقا لما نصت عليه المادة 33 من الضابط الداخلي المذكور أعلاه.

الى جانب الضابط الداخلي للتأمين الصحي  قام المجلس الإداري للتعاضدية بوضع نظام يحدد كيفيات تأسيس و تسيير  الصندوق المستقل  للتعويض عن الوفاة و بالرجوع الى  الضابط  الداخلي لهذا الصندوق نجده ينظم طريقة الانخراط في الصندوق المذكور، و كيفية الاستفادة من الصندوق   و الأشخاص المستفيدون ، فضلا على التعويضات في حالة وفاة عضو مساهم و هذه التعويضات منصوص عليها في المادة 6 من نظام الصندوق المستقل عن الوفاة وهي: التعويض الأساسي ، تعويض العزاء عند الوفاة بعد 70 سنة ، تعويض في حالة وفاة المنخرط  قبل بلوغه 70 سنة نتيجة حادث ، تعويض في حالة وفاة زوج المنخرط ،تعويض في حالة وفاة ولد المنخرط، لكن يتعين الإشارة ان منحة الوفاة لا يمكن الاستفادة منها اذا كانت الوفاة ناتجة عن كوارث طبيعية أو وباء او عن حرب خارجية او حرب أهلية أو فتن أو اضطرابات شعبية أو  ناتجة عن انتحار حصل قبل انتهاء سنتين من تاريخ  الانخراط طبقا لما نصت عليه المادة 4 من النظام المحدد لكيفيات تأسيس و تسيير الصندوق المستقل للتعويض عن الوفاة.

في الأخير اود أن اشير الى ان ما يميز تجربة التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب مقارنة بشركات التامين التجارية ، أن الانضمام إليها لا يشترط سنا معينة ، كما تضمن التعاضدية جميع الأمراض التي يتعرض لها الأعضاء بصرف النظر عن الأمراض السابقة على الانضمام ، خلافا لما تشترطه شركات التأمين من استثناء الأمراض السابقة على التعاقد من التامين ، كما يتعين الاقرار  بكون تأسيس التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب يعتبر مكسب مهم في مسار تعزيز الرعاية الاجتماعية الخاصة بالجانب الصحي للمحامين .

المحــــــــور الثانـــــي: تجربة هيئة المحاميـــــن بأكادير في مجــــــال الحمــــــاية الاجتماعيــــــــة للمحاميـــــن

إن الحديث عن تجربة هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير و كلميم و العيون  في مجال الحماية الاجتماعية للمحامين يندرج في سياق التعريف بإحدى التجارب الرائدة على المستوى الوطني، نظرا لمراكمته هذه التجربة من مكتسبات بشان مواجهة الأعباء الاجتماعية وتغطية الاحتياجات الملحة والمتزايدة للمحامين.

 في الحقيقة ان ما جعلني اتناول تجربة هيئة المحامين بأكادير في مجال الحماية الاجتماعية هي خصوصية هذه التجربة و تميزها فضلا على أن المؤتمر التاسع و العشرون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد في ضيافة هيئة المحامين بالجديدة خلال أيام 5- 6 -7 ماي 2016 أوصى  بخصوص الشؤون الاجتماعية بتعميم تجربة هيئة اكادير نموذجا في صندوق التقاعد والأنظمة الاجتماعية مع مراعاة خصوصية كل هيئة .

وتأسيسا على ما سبق سأعمل على استعراض تجربة هيئة المحامين بأكادير  من خلال بسط تجربة الصندوق الاجتماعي ثم تجربة صندوق التقاعد وذلك   كما يلي:

أولا: الصنـــــــدوق الاجتمــــــــاعي لهيئة المحامـــــــين باكاديـــــــر

أسس مجلس هيئة المحامين باكادير الصندوق الإجتماعي بتاريخ 1 يوليوز 2010 ، في إطار الاختصاصات المخولة للهيئة طبقا للمادة 91 من قانون مهنة المحاماة ، ويهدف الصندوق الاجتماعي حسب المادة الثانية من نظامه الداخلي إلى تدبير نظام للإسعاف و تقديم خدمات اجتماعية مطابقة للشروط التي يقرها هذا النظام و ذلك لصالح المحامين التابعين للهيئة في الحالات التالية:

المسؤوليــــــــة المهنــــــية : حسب المادة 7 من النظام الداخلي للصندوق الاجتماعي فإن الصندوق الصندوق يتولى المسؤولية المهنية للمحامين الممارسين المقيدين بالجدول، و كذا الأخطار التي يتعرض لها أعضاء مجلس الهيئة خلال ممارستهم لمهامهم أو بمناسبتها ، فضلا عن الأخطار التي تلحق أعضاء الفرق الرياضية للهيئة خلال ممارستهم لنشاطهم الرياضي او بمناسبته، كما يتولى الصندوق كذلك اخطار الحريق و السرقة و الفيضان و غيرها من المخاطر التي قد تتعرض لها مقرات الهيئة و ممتلكاتها.

المعالجــــــــــة و الرعايـــــــــة الطبيـــــــة: حسب المادة 8 من النظام الداخلي للصندوق الاجتماعي فان الصندوق المذكور يتولى تأمين الرعاية الطبية للمحامين و لأزواجهم و أبنائهم و تأمين رأسمال الوفاة في اطار التغطية الصحية التي توفرها التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب.

التوقـــــــف عن العمــــــــل  لسبــــــب قاهــــــر : في هذا الإطار يمكن لمجلس الهيئة ان يقرر لفائدة المحامي الذي يتعطل عن عمله بسبب طارئ او قوة قاهرة او لمرض او حادث سير او نحوه يحول دون ممارسته للمهنة لمدة تزيد عن الشهر ، منحه معونة دورية أو في شكل رأسمال يحددها مجلس الهيئة .

الطــــــــــــــوارئ: حسب المادة 10 من النظام الداخلي لصندوق الاجتماعي التي تنص على أنه في حالة إصابة المحامي المستفيد  بمرض خطير او مفاجئ يحتم نقله الى المستشفى أو الى عيادة طبية فورا، او استلزم علاجه أداء مصاريف طبية عاجلة لا قبل له بأدائها ، يمكن للصندوق أن يساهم في نفقات الاستشارة الطبية و الإقامة في المستشفى او العيادة الطبية و العلاج في الحدود التي يحددها المجلس، كما  ان الصندوق يمكن ان يساهم في التخفيف من الاضرار التي لحقت بالمحامي في حالة  اذ لحقت بمسكنه او مكتبه اضرار مادية فادحة ناجمة عن كوارث طبيعية كالحريق او الفيضان او ما ماثل ذلك.

معــــــــونـــــة الوفــــــاة:  ذلك انه  في حالة وفاة محام ، يصرف لعائلته فـــــورا وفي يوم الوفاة مساعدة مادية نقدية 40.000 درهم لمواجهة مصاريف الدفن و الجنازة، فضلا على معونة الوفاة  يمكن للصندوق ان يقرر مساعدة لأسرة المحامي المتوفي او لبعض افرادها طبقا لما نصت عليه المادة  11 من النظام الداخلي للصندوق.

دعم الأنشطـــــــة الثقافيـــــــة و الرياضيـــــــة و الترفيهيـــــــة : في هذا الاطار فان الصندوق الاجتماعي لهيئة المحامين باكادير  يعمل على تقديم اعانات لمختلف الأنشطة الثقافية و الرياضية و الترفيهية التي تنظمها الهيئة .

هذا بخصوص الخدمات التي يقدمها الصندوق الاجتماعي لهيئة المحامين باكادير، اما فيما يخص شروط الاستفادة منه، فهي منصوص عليها في المادة 15 من القانون الداخلي للصندوق، و نشير في الأخير الا ان هذه الشروط تختلف حسب كل خدمة من الخدمات التي يقدمها الصندوق.

ثانيا: صنـــــــدوق التقاعـــــد لهيئــــــــة المحامــــــين باكاديـــــــر

أسس  صندوق التقاعد لهيئة المحامين باكادير بعد ان تبلورت الفكرة وظهرت الحاجة الى ضرورة إرساء دعائم لنظام يؤمن موردا دوريا للمحامي في نهاية مشواره المهني عند إحالته بطلب منه على التقاعد أو في حالة مرضه او لذوي حقوقه بعد وفاته.

 إن  فكرة تأسيس الصندوق لم تكن  وليدة فاتح يناير 1988 حيث أحدث هذا الصندوق بل طغت المناقشات والدراسات على كثير من اجتماعات المجالس المتعاقبة على  الهيئة ومنذ أول اجتماع لها غذاة تأسيس الهيئة بتاريخ 11/07/1966.

فعلى مدى 22 سنة بادرت الهيئة نظرا لثقل المسؤولية ولكون المشروع يتعلق في حد ذاته بتثبيت نظام ناجع لأجيال وباعتبار خصوصيات  المهنة ـ  الى دراسة كل المعطيات والتوقعات المستقبلية للإحاطة بالموضوع، وتم بتاريخ 19/12/1986، عرض الصيغة النهائية لمشروع نظام التقاعد لهيئة المحامين باكادير على الجمعية العمومية الاستثنائية حيث تمت المصادقة عليه ، وشرع في هيكلة مؤسساته بعقد الجمع العام لانتخاب اعضاء مجلس تسيير هذا الصندوق بتاريخ 27/03/1987 وانجزت سجلاته وآليات عمله وانتداب مساعدين لإدارته، وبقطع هذه المراحل تم في النهاية إرساء هيكلة الصندوق نظريا وعمليا، وبدأ عهد نشاطه المالي الذي قدم بشأنه أول تقرير سنوي نهاية شهر دجنبر 1988 ، وهو الان قد قطع اشواطا عملية على مدى ازيد من32 سنة عرف الصندوق في نشاطه المالي ومن خلالها نقلة نوعية لحركية مدخراته من رؤوس اموال متحركة الى

 ثابتة .

هذا و ينخرط في هذا الصندوق حسب المادة الرابعة من النظام الداخلي للصندوق التقاعد وجوبا كل محام مسجل بجدول هيئة المحامين باكادير، ويديره مجلس التسيير ، يتكون بالإضافة الى أعضاء مجلس الهيئة ، من نصف هذا العدد ، حيث ينتخبون من طرف الجمعية العمومية لمدة ثلاث سنوات ، و يختص مجلس تسير  الصندوق بمجوعة من المهام  و الاختصاصات المحددة في اطار المادة 10 من النظام الداخلي من قبيل  إدارة أموال الصندوق  و استثمارها ، صرف المعاشات و التعويضات ، البت في طلبات الإحالة على التقاعد ، وضع مشروع الميزانية السنوية المرتقبة للصندوق وعرضها  من طرف مجلس الهيئة على الجمعية العامة للهيئة من اجل المصادقة عليها و غير من الاختصاصات .

تجدر الإشارة ان المادة 18 من النظام الداخلي للصندوق حدد المستفيدون من التقاعد و التعويض في الأشخاص التالية :

المنخرط الذي يوجد في احدى الحالات المخولة للتقاعد او التعويض.

ذوو الحقوق المنتمون للأصناف التالية: الارملة او الارمل، الأولاد ، الاب ، الام .

وفي الأخير نشير الا ان المنخرط في الصندوق و حسب المادة 20 من النظام الداخلي للصندوق يستحق اما تقاعدا كاملا ، أو نسبيا أو تعويضا.

بخصوص التقاعد الكامل فهو حق للمنخرط في استخلاص مبلغ شهري يحدده مجلس التسيير على ان لا يقل هذا المبلغ عن معدل  المدخول الشهري المصرح به ، حسب المادة 21 من النظام الداخلي للصندوق فإن المنخرط يستحق التقاعد الكامل في الحالات التالية:

الحالة الأولى :    اذا بلغ 60 سنة وقضى 30 سنة فعليا في مزاولة المهنة وطلب الاستفادة من حقه في التقاعد .

–  الحالة الثاني:   اذا أصابه حادث أو مرض أقعده عن مزاولة المهنة بصفة نهائية بعدما قضى في مزاولتها أزيد من 18 سنة .

–  الحالة الثالثة:  اذا توفي المنخرط بعد أن قضى في مزاولة المهنة أزيد من 18 سنة ، يصرف لذوي حقوقه راتب تقاعده كاملا 

اما في ما يخص التقاعد النسبي  فهو نصف  التقاعد الكامل المحسوب على نفس الأساس المحدد في المادة 21 من النظام الداخل للصندوق ، ة يستحقه المنخرط في الحالات التالية:

– الحالة الأولى:  إذا طلب الاستفادة من حقه في التقاعد النسبي بعد قضائه 18 سنة على الأقل وتوقفه عن مزاولة المهنة فعليا .

–  الحالة الثانية:   إذا أصابه حادث او مرض اقعده عن مزاولة المهنة بصفة نهائية قبل اتمامه 18 سنة من المزاولة الفعلية .

– الحالة الثالثة: إذا توفي المنخرط ولم يتم 18 سنة من المزاولة الفعلية ، فيصرف لذوي حقوقه راتب تقاعده النسبي.

 اما في ما يتعلق بالتعويض فحسب المادة 25 من النظام الداخلي للصندوق التقاعد فان المنخرط يستحق التعويض في حالة عدم توفره على شروط استحقاق تقاعدا كاملا او نسبيا.

المحـــــور الثالــــــث :  الحماية الاجتماعية للمحاميــــــن من خــــــلال قانـــــوني  الـتأمين الإجبـــــــاري عن المرض و المعشــــــــات

في إطار سياسة الحكومة المغربية الرامية إلى تعميــم التغطية الصحية و نظام المعاشات على جميع المغاربة، تم إحداث لجنة وزارية برئاسة السيد رئيس الحكومة ، والتي قررت في اجتماعها ليوم 29 دجنبر2014 احداث نظام للحماية الاجتماعية  للعمال المستقلين وأصحاب المهن الحرة ، وفي هذا الاطار تم عرض مشروعي القانونين المتعلقين بالتغطية الصحية و التقاعد أول مرة  على المجلس الحكومي في يناير 2016 حيث تمت المصادقة عليهما من طرف المجلس الحكومي ، و تقرر إحالة المشروعان على البرلمان  حيث تمت مناقشتهما  و المصادقة عليهما بالإجماع من طرف مجلسي البرلمان خلال سنة 2017 وتم نشر القانونين في الجريدة الرسمية ، بحيث تم نشر القاون99.15 المتعلق نظام المعاشات لفائدة فئات المهنين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا بمقتضى  الظهير الشريف رقم 1.17.109 الصادر في 5 ديسمبر2017 في الجريدة الرسمية 6632 المؤرخ في 21 ديسمبر 2017 ، اما القانون 98.15  المتعلق بنظام التامين الاجباري الأساسي عن المرض بفئات  المهنين و العمل المستقلين و الأشخاص غير الاجراء الذين يزالون نشاطا خاصا فقد صدر بمقتضى الظهير الشريف 1.17.15 الصادر في 23 يونيو 2017 و تم نشره في الجريدة الرسمية عدد 6586، بتاريخ 13 يوليوز 2017.

و يفتح هذان القانونين الباب  أمام تغطية  اجتماعية  – بشقيه  الصحة  و للتقاعد-  غير مسبوقة في المغرب ، تشمل  المهن الحرة من محامين و موثقين  وأطباء و مهندسين في القطاع الخاص و محترفي الأنشطة الصناعية و التجارية البسيطة وكذا الفلاحين الصغار ، وحسب الحكومة فان هذان القانونين  سيتم  العمل بهما بشكل تدريجي من خلال اخراج النصوص التنظيمية الخاص بكل فئة على حدى و في هذا الإطار ستكون الهيئات المهنية المنظمة مثل المحامين و الأطباء و المهندسين  المستهدف الأول بهذا المشروع ، من هن نتساءل عن موقف جمعية هيئات المحامين و مع  مختلف هيئات المحامين  من القانونين المتعلقين بالتامين الاجباري عن المرض و المعاشات ؟

في هذا الاطار نشير الى ان جمعية هيئات المحامين بالمغرب سبق لها ان أصدرت  بيانا توضح من خلالها موقفها من القانونين المذكورين حيث جاء في البيان الصادر عنها  على هامش اجتماع  مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب يوم الجمعة 15نونبر 2019 في ضيافة هيئة المحامين  بمحاكم الاستناف باكادير وكلميم و العيون  ان نظام التغطية الالزامية  الأساسية المعمول  بها منذ ما يفوق 10 سنوات بالنسبة للمحامين في اطار التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، هو نظام فعال و ناجع و يستجيب لمستلزمات المادة الثالثة  من القانون 98.15 ، و أضاف  البيان ان جمعية هيئات المحامين  سوف تتواصل بهذا الشأن مع السلطة الحكومية المكلفة بالشغل من اجل اطلاعها على مكتسبات المحامين  بهذا الخصوص  مع البحث عن سبل الحفاظ عليها  و تطويرها  في اطار المقتضيات الدستورية و القانونية الجاري بها العمل ، كما  سبق أيضا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ان أكدت في  البيان الختامي  للمــؤثمـــر الثلاثون  لجمعية هيئات المحامين  المنعقد في ضيافة هيئة المحامين بفاس  أيام 18 و 19 و 20 ابريل 2019،  على تمسك المحامين المطلق و اللامشروط بالتعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب المحدثة في اطار ظهير 1963 ، واعتبار المحامين غير معنيين بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بموجب القانون 15/98.

هذا وبالرجوع الى  القانون 98.15 المتعلق بالتامين الاجباري عن المرض  الخاص بفئات المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون  نشاطا خاصا ،  الذي جاء كاستمرار لتنزيل مدونة التغطية الصحية  الأساسية، اذ بعد تفعيل مقتضياتها المتعلقة باجراء القطاعين الخاص والعام ، وبعد تفعيل نظام المساعدة الطبية ” الراميد “ ، فإنه يتضمن 37 مادة موزعة على تسعة ابواب وفق مايلي:

– الباب الاول : متعلق بالاحكام العامة.

– الباب الثاني متعلق بنطاق التطبيق.

– الباب الثالث : قواعدالتسجيل .

– الباب الرابع : شروط تخويل الحق في الاستفادة من الخدمات و الاحتفاظ به ووقفه وفقدانه.

– الباب الخامس : متعلق بقواعد التدبير.

– الباب السادس : قواعد التمويل

– الباب السابع: متعلق بماساطر لامتياز و التحصيل و التقادم .

الباب الثامن : متعلق بالعقوبات .

الباب التاسع : متعلق باحكام ختامية.

كمـــا تجدر الإشارة الى ان القانون 98.15 حسب المادة 3 منه على يطبق على الأشخاص المنتمون الى الفئات التالية : المهنيون المستقلون ، العمال المستقلون ، والأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا شريطة  الا يكونوا  خاضعين  لنظام اخر  للتامين الاجباري الأساسي عن المرض، كما يسري القانون المذكور أيضا  على الأشخاص الذين  يستفيدون برسم نظام  المعاشات  الخاضعين له  المحدث لفائدة الفئات المذكورة أعلاه بموجب تشريع خاص.

هذا و تجدر الإشارة ان تطبيق نظام التامين الاجباري الأساسي عن المرض  بالنسبة لكل صنف او صنف فرعي  او مجموعة من الأصناف متوقف بإصدار مرسوم اللازمة لتطبيقه بعد اجراء مشاورات مع الفئات المعنية و الفرقاء الاجتماعين طبقا لما نصت عليه المادة 37 من  القانون 98.15.

رغم أهمية هذا القانون بالنظر لشموله لفئات واسعة  من المواطنين الذين لم يستفيدوا بعد من نظام التغطية الصحية الا انه يطرح العديد من الإشكالات لعل أهمها غياب الضمانات الأساسية للتطبيق السيلم لهذا القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية خصوصا انه يحيل على العديد من النصوص التنظيمية  و المراسيم  بحيث هناك 11 نص تنظيميا  و 3 مراسيم ، ناهيك على اشكال خطر يتمثل في ربط هذا القانون بقانون اخر يتعلق بالمعاشات لنفس الفئات المستهدفة و هنا نتساءل عن الجدوى  من ربط القانون 98.15 المتعلق بالتامين الصحي بالقانون 99.15 المتعلق بالمعاشات، كذلك من بين الملاحظات المسجلة على القانون هو التسريع في تمرير القانون في البرلمان  كان الاجدر فتح نقاش عليه وتواصل مع  كافة الفئات المعنية باعتبارها شرائح واسعة ، ولما لا اشراكهم  من خلال  تلقي ملاحظاتهم و اقترحاتهم في اطار المقاربة التشاركية .

اما فيما يخص بالقانون 99.15 المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين و العمال  المستقلين  و الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا الذي جاء في اطار تنفيذ برنامج الحكومة في شقيه المتعلق بتوسيع الحماية الاجتماعية ، بحيث التزمت الحكومة بإصلاح مندمج للأنظمة التقاعد  بما يحفظ توازنها  المالي و استدامتها و توسيع قاعدة المستفيدين  من أنظمة التقاعد  لتشمل المهن الحرة و المستقلين غير الأجراء  و النشطين في القطاع غير المنظم .

وحسب السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل فإن هذا القانون يسعى الى تحقيق  اهداف تتمثل أساسا بلورة نظام أساسي للمعاشات لفائدة  فئات المهنيين و العمال المستقلين  و الأشخاص غير الاجراء  الذين يظاولون نشاطا خاصا، و كذا توسيع  الاستفادة  من التقاعد لتشمل كل شرائح المجتمع .

 هذا ويقوم  القانون 99.15 على مجموعة من المبادى تتلخص فيما يلي :

اجبارية النظام بالنسبة للفئات التي تتوفر على دخل يسمح بأداء  واجبات الاشتراك  في نظام التقاعد و في نظام التغطية الصحية ،و جعله اختياريا بالنسبة  للفئات التي لا  يتجاوز  الدخل الجزافي  المطبق عليها  مبلغ يحدد بنص تنظيمي .

اجبارية عملية التسجيل  الملقاة على الأشخاص المستهدفين .

اسناد اختصاص تدبير هذا النظام الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .

تمويل النظام بواسطة اشتراكات الأشخاص  يتم احتسابها  على أساس دخل جزافي محدد لكل فئة منهم  و تحدد فيه الحقوق المكتسبة .

تحديد سن الإحالة على التقاعد في 65 سنة ، مع إمكانية الحصول على المعاش قبل الأوان  ابتداء من 60 سنة ،او تاجيله الى سن أقصاه 70 سنة .

إمكانية الجمع بين التقاعد و ممارسة المهنة او النشاط ، شريطة الاستمرار في أداء الاشتراك مع  احتساب الحقوق الجديدة.

الحق في الحصول على معاش المتوفى عتهم من طرف ذوي الحقوق.

هذا و بالرجوع الى القانون 99.15  المتعلق بالمعاشات فإنه يتضمن 54 مادة موزعة على تسعةابواب : الباب الأول مخصص  لهداف و نطاق تطبيق القانون، الباب الثاني قواعد التسجيل ، الباب الثالث  قواعد التدبير، الباب الرابع قواعد التمويل ،الباب الخامس تأسيس الحقوق،  الباب السادس متعلق معاش الشيخوخة، امام الباب السابع فيتناول معاش المتوفى عنهم ، في حين يتناول الباب الثامن  القنوة ، امام الباب التاسع تطرق لموضوع  إعادة تقييم المعاشات ، في حين خصص الباب العاشر  للنظام المالي و المراقبة ، الباب الحادي عشر  تناول الامتيار و التحصيل و التقادم ، الباب الثالث عشر و الأخير يتعلق  باحكام ختامية .

رغم أهمية القصوى للقانون 99.15 المتعلق بالمعاشات للفئات المستقلين الا انه يطرح العديد من الإشكالات  وتساؤلات من قبيل هل الحكومة  لديها نية في تقديم تحفيزات للفئات المستهدفة  في هذا القانون من اجل  حثها للانخراط في هذا النظام الجديد  علما انه لا يشمل معاش العجز و التعويضات العائلية عكس نظام نظام الحماية الاجتماعية الخاص باجراء القطاع الخاص و القطاع العام ؟

ما يلاحظ أيضا على القانون الذي نحدد بصدد دراسته انه مثقل بالنصوص التنظيمية مما يصعب عملية تنزيله على ارض الواقع كان الاجدر على المشرع تخفيض هذه النصوص و ذلك بادراج بعض مقتضياتها في اطار النص القانوني.

كما يطرح هذا القانون اشكال اخر مرتبط ببعض المهـن  كالاطباء و المهندسين  و المحاسبين و المحامين ….. يتمثل هذا الاشكال في وضعية  و دور هاته  الهيئات خاصة ان المنخرطين في هذه الهيئات يؤدون لها اشتركات  على اعتبار ان منهم من احدث صناديق للقاعد خاص بهم   على غرار المحامين، أو لهم  تعاقد  مع شركات تامين لاجل التقاعد  ومن هنا يثار تساؤل هل هناك إمكانية عقد اتفاقية بين الدولة و هاته الهيئات ؟

كما يلاحظ على  هذا القانون غياب تام للدولة في المساهمة في نظام المعاشات المخصص لفائدة فئات المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا  ومن هنا ندعو الى ضرورة مساهمة  الدول في هذا النظام على الأقل  بمصاريف التسيير ولو بنسب مئوية وان تكون طرفا في التقاعد.

في الحقيقة ومن وجهة نظري ان هذا القانون كان يلزمه نقاش حقيقي مع مختلف الجهات المعنية في اطار مقاربة تشاركية ومن هنا ادعوا الحكومة للاشتغال اكثر من اجل تجويد النصوص التنظيمية المتعلقة بهذا القانون  لضمان سلاسة تطبيقه و عدم اتخاد قرارات من شأنها ان تضر الفئة المعنية بهذا القانون.

مما سبق تناوله اعتقد هناك تأخر كبير للمغرب في مجال الحماية الاجتماعية بالمقارنة مع بلدان في نفس مستوى المغرب الذي يتوفر على اقل تغطية صحية و اجتماعية ،خاصة ان أنظمة  التامين الصحي  و أنظمة  التقاعد الأساسي في جميع الدول في العالم بدون استثناء  مفروضة بقوة القانون  ودور الدولة لا يقتصر على المساهمة فحسب بل دورها كذلك  هو كيفية  الزام الانخراط  و إيجاد الوسائل  لتفعيل هذه الإلزامية .

في الأخير املي ان يثير  موضوع الحماية الاجتماعية للمحامين  اهتماما و مواقف تؤدي الى التفكير في الموضوع بشكل عميق، و نأمل  كذلك ان تتحدد جهود مختلف هيئات المحامين بالمغرب لايجاد وسائل متنوعة و فعالة لحل معضلة الحماية لاجتماعية للمحامين في اطار المتغيرات الاقتصادية التي يعرفها العالم  و التي من شأنها ان تؤثر على مهنة المحاماة ، الامر الذي يحتم علينا كمحامين  التكتل كجسم مهني موحد قادر على تغطية الاحتياجات الاجتماعية الملحة و المتزايدة للمحامين، و يتطلع الى مستقبل واعد مفعم بالامل و التفاؤل .

كما  ان الدولة  التي لا تساهم باي قسط في مجال الحماية الاجتماعية  للمحامين بالرغم من الدور الذي يقوم به المحامي في تحقيق العدالة التي هي مسؤولية من مسؤوليات الدولة يتعين عليها ان تتحمل مسؤوليتها في هذا الجانب من خلال  المساهمة في الأعباء الاجتماعية للمحامين بواسطة صناديقها المتخصصة إسوة بباقي القطاعات، كما يستحسن  توحيد أنظمة التكافل الاجتماعي على مستوى جميع الهيئات مع مراعاة خصوصية كل هيئة، وذلك باحداث  الية مؤسساتية على مستوى جمعية هيئات المحامين بالمغرب لقيادة و تنسيق سياسة الحماية الاجتماعية للمحامين ، بالإضافة الى وضع نظام مندمج للرصد والتقييم لتوفير المعطيات الضرورية لاتخاذ قرارات متبصرة واعتماد التقويمات اللازمة في الوقت المناسب، كما اقترح كذلك تعميق دراسة توصيات مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب في مجال الشأن الاجتماعي من طرف اللجنة الاجتماعية التي يتعين عليها الاشتغال على تطوير  أنظمة الحماية الاجتماعية.

ذ. امسكين رشيد

.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.