الجمعيات الرياضية بالمغرب و الولوج الى الدعم العمومي

2022-12-01T17:44:34+00:00
2022-12-01T17:46:00+00:00
كتاب الرأي
Bouasriya Abdallahمنذ دقيقتينwait... مشاهدةآخر تحديث : منذ دقيقتين
الجمعيات الرياضية بالمغرب و الولوج الى الدعم العمومي
الجمعيات الرياضية بالمغرب و الولوج الى الدعم العمومي


( قراءات على ضوء قوانين الجماعات الترابية والتشريع الرياضي)

المصطفى الهيبة

من المؤكد ان الرياضة تكتسي في الواقع أهمية بالغة بالنسبة لكل مجتمع يصبو إلى إشاعة سلوك الصحة العامة و قيم الوطنية والمواطنة والتضامن والتسامح، وعليه فان اغلب السياسات العمومية او غير العمومية او الخاصة تشكل الرياضة بالنسبة لها رافعة اساسية و ملزمة للتنمية البشرية و وسيلة لتفتح كل شخص و لا سيما الأشخاص المعاقين منهم ،و تعتبر عنصرا مهما في التربية والثقافة وعاملا أساسيا في حالة الرفاه الصحي و النفسي لغالبية المواطنين .
و نظرا لكون الدولة عبر اجهزها المعتادة لا تستطيع ان تلامس كافة المواطنين و لا تسطيع تحقيق عدالة جغرافية كاملة في خدمة التاطير الرياضي للمواطنين سواء منه المرتبط بالممارسة الرياضية كسلوك صحي عام او الممارسة الرياضية النظامية ذات المستوى العالي , فان المدخل المتاح لها لتحقيق ذلك هو اشراك كافة الفعاليات المدنية و على راسها الجمعيات الرياضية من موقعها التطوعي بان تكون مساعدا مفيدا و سندا قويا في تقديم هذه الخدمة العمومية المنوطة اصلا بمؤسسة الدولة المختصة و تقوم بها الجمعيات الرياضية في اطار التفويض الممنوح لها للقيام بذلك من باب نيل الاعتماد القانوني لفعل هذا.
وحيث ان انجاز البرامج الرياضية يحتاج الى تمويل مستمر ’ فان الدولة ملزمة بتقديم الدعم عبر منج المال العمومي لذلك ، الا أن هذا الاختصاص في توزيع الدعم يبقى حصرا على مجالس الجماعات الترابية طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي 113.14 , و المشهور لدى الجمعيات الرياضية ان الجماعات الترابية المحلية هي المانحة الاولى ضمن منظومة المانحين دون غيرها من الجامعات الترابية الاخرى سواء منها الجهوية او الاقليمية مما يشكل ضغطا استثنائيا على الجماعات الحضرية و القروية اكثر من المجالس الاقليمية و المجالس الجهوية .
1 – على مستوى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية :
في قراءة للنصوص التنظيمية للجماعات 11/14 و 112/14 يتبين أن الجهات ومجالس الأقاليم والعمالات غير معنية بتحويل الدعم للجمعيات مادام أن قوانينها التنتظيمية لا تنص على ذلك ، وبالتالي فان اي دعم في إطار” منحة ” تقدمه هذه الجماعات للجمعيات يبقى غير ذي سند قانوني ويؤدي بدون شك إلى المحاسبة و المراقبة المالية.
اذن من الواضح أن هذا الاختصاص في توزيع الدعم يبقى حصرا على مجالس الجماعات الترابية طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي 113.14 حيث أن الجماعات ملزمة بتشكيل لجان تقنية على غرار ما هو معمول به في دراسة ملفات طلبات الدعم المقدمة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ( I N D H) حيث تتكلف لجانها بدراسة طلبات الدعم وذلك قبل إحالتها على اللجان المختصة والمجلس الجماعي للبث فيها طبقا للقانون .
كما أن مجالس العمالات والأقاليم والجهات يمكنها إبرام اتفاقيات شراكة مع الجمعيات الرياضية شرط إنجاز مشروع ذو فائدة مشتركة بين هذه الجمعيات ومجالس الأقاليم حسب الحالة أو بغرض إنجاز الجمعية الرياضية لمشروع مشترك يدخل في إطار الاختصاصات الذاتية للجهات ومجالس الأقاليم مع إلزامية استلهام المساطر المعتمدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار الحكامة الجيدة وضرورة التقاء هذه المشاريع والاتفاقيات مع السياسة العمومية وبرامج عمل الجهات ومجالس الأقاليم.
وبناءا عليه يبدو أن مذكرة السيد وزير الداخلية و المعروفة تداولا ( بمذكرة لفتيت ) وصدورها في هذه الفترة بالتحديد تهدف إلى تكريس المزيد من المصداقية على صرف المال العمومي وجعل هذا الصرف تحت إشراف ومراقبة السلطة الإدارية المثمثلة في العمال و الولاة ، مما يطرح السؤال . هل الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مذكرة توجيهية لا اقل ولا أكثر أم هي تكريس جديد للمزيد من سحب البساط من تحت يد السياسيين والمنتخبين درءا لاستعمال المال العمومي الممنوح للجمعيات الرياضية في اغراض التعبئة السياسية و التهييج الانتخابي ؟
ففي هذه الدورية (لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت D2185) المتعلقة بدعم الجمعيات، بما فيها الجمعيات الرياضية، مجموعة من المعطيات، أبرزها أن الدورية تصدت للريع الجمعوي، واستغلال النفوذ والفساد المستشري في هذا الباب، لكنها في الوقت نفسه تطرح عدة إشكالات أخرى، بخصوص مصير الجمعيات الرياضية التي تعتمد في تسييرها على هذا الدعم وحده، ما يعرضها إلى التفقير، ويعمق مشاكلها المالية و يؤهلها لتحصيل نتائج رياضية ضعيفة ان لم نقل تعرضها للتوقف .
و تطبيقا للمادة 43 من القانون التنظيمي 113/14 فان المقررات بمنح المنح للجمعيات الرياضية و غيرها تتخذ بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها التي يشترط لاعتمادها الأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم و الذي يتماشى مع برنامج عمل الجماعة مما يدل ان هذا المنح يخضع لمداولات عديدة في شكل المصادقة عليه في دورات محددة او في اطار مجالس الفرز الجماعي ، و هو أمر يزيد من الضيق الزمني الذي تعانيه الجمعيات الرياضية عند تقدمها بدفوعات طلب الدعم الجماعي الذي يصطدم بمسطرة يراها الفاعلون الرياضيون هدر حقيقي للزمن الرياضي.
و توخيا للحذر الذي عانت منه عملية منح الدعم العمومي و الذي شكل مطلبا اساسيا في الفصل بين ازدواجية اتمثيلية السياسية و التمثيلية الرياضية فان المادة 65 تضع شروطا لهذا المنح حيث انه يمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مع مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقودا للامتياز أو الوكالة أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافق العمومية للجماعة أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه. وتطبق نفس الأحكام على عقود الشركات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها.
اما صلاحيات مجلس الجماعة فالمادة 92 و بشكل صريح فانها تقوم بتوزيع المساعدات والدعم لفائدة الجمعيات؛ و الانخراط أو المشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية .
و يبقى منح الجماعات المحلية للجمعيات الرياضية رهين بتاشيرة السيد العامل او الوالي طبقا للمادة 118 حيث لا تكون مقررات المجلس قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من قبل عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه داخل أجل عشرين (20) يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس :في كل القرارات المتعلقة ببرنامج لجماعة الذي يمكن ان يكون الفعل الرياضي في اطار الشراكات مع الجمعيات الرياضية احد فقراته ؛ كما يؤشر عللى المقرر المتعلق بالميزانية التي بموجبها يتم اقرار منح الجمعيات الرياضية ، و يعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من المقررات بمثابة تأشيرة.و تبقى تأشيرة السيد العامل على المنح متصلة ايضا بمجموع المنح التي تسلمها الجماعات للجمعيات في اطار اتفاقيات التعاون و الشراكة تطبيقا للمادة 149 حيث يمكن للجماعات، في إطار الاختصاصات المخولة لها، أن تبرم فيما بينها أو مع جماعات ترابية أخرى أو مع الإدارات العمومية، أو المؤسسات العمومية أو الهيئات غير الحكومية الأجنبية أو الهيئات العمومية الأخرى أو الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة اتفاقيات للتعاون أو الشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص. و هنا نتساءل هل المقصود من المنح المتعاقد في شأنه مقصور على الجمعيات الحاصلة على النفع العام دون غيرها علما أن اغلب المناطق بالكاد تتوفر على جمعيات من هذا النوع كما ان الجمعيات الرياضية بالخصوص لا تحصل على هذه الصفة بل فقط الجامعات الرياضية الحاصلة على التأهيل هي المعنية بصفة النفع العام .
2 – على مستوى التشريع الرياضي ( قانون التربية البدنية و الرياضة09.30 و مرسومه التطبيقي و النظم التنظيمية له )
و في العديد من المناطق من المغرب التي شملها التحسيس و التوعية بقانون التربية البدنية و الرياضة 30.09 فقد طالبت الجماعات الترابية المحلية و الاقليمية و الجهوية بالادلاء بوثيقة الاعتماد القانوني للجمعية الرياضية الممنوحة طبقا لقرار السيد وزير الشباب و الرياضة و الذي بموجبه تعتمد الجمعية الرياضية لممارسة و مزاولة و تعليم نشاط رياضي معين , مما يدل على أن عملية الاستفادة من المال العمومي المقدم للجمعيات الرياضية اصبح عملية مندمجة بين الادارات المانحة و المختصة.
و رغم عدم وجود احالات قانونية او تذييلات تشريعية تربط بين القوانين التنظيمية للجماعات المحلية الثلاث و قانون التربية البدنية 09.30 في شأن الاستفادة من المنح العمومية الا أنه لا توجود اجراءات ادارية مندمجة كقرارات مشتركة بين الطرفين يحرص كلاهما ان يطبق القوانين الجاري بها العمل و ربطها بالطرف الاخر من باب الحرص على تنظيم الاستفاذة من الدعم العمومي وفق ميثاق مشترك وشروط موحدة .
و استقراءا للتشريع الرياضي المعمول به , فان قانون التربية البدنية 09.30 و مرسومه التطبيقي 628.10.2 و نصوصه التنظيمية لا تتنافى بتاتا من التشريعات التنظيمية للجماعات الترابية ، بل يسيران في خط واحد خصوصا و ان كلاهما يعتبر ان من واجب المؤسسات العمومية تطوير الرياضة المغربية و دعم انشطتها و منح جمعياتها و دعمها بالمال العمومي و هذا جلي في مدخل القانون 09.30 حيث جاء في ديباجته أنه تعتبر الدولة مسؤولة عن تنمية الحركة الرياضية حيث تقوم بتأطيرها ومراقبتها ، و انه يساهم الأشخاص الذاتيون والأشخاص المعنويون الخاضعون للقانون العام أو للقانون الخاص، بما يقومون به من أعمال ويتخذونه من مبادرات، في تنمية الحركة الرياضية والبنيات التحتية لممارسة الأنشطة الرياضية وتدعيم وسائل الدولة وتطبق التوجيهات الوطنية في مجال التربية البدنية والرياضة. الشيء الذي زاد من حدة طلبات الجمعيات الرياضية في الولوج الى الدعم العمومي بشتى اشكاله و بشتى تنوع مصادره كحق يفرضه القانون لهم ضمن شروط محددة سلفا و كحق منزوع و ليس منحا بالاحسان مربوطا بسلط تقديرية لمسؤولي المؤسسات العمومية الداعمة.
تزداد قوة هذا الطرح كون المادة 81 من قانون التربية البدنية 09.30 تعزز موقع مؤسسات الدولة بما فيها الجماعات الترابية في دعم الرياضة المغربية و دعم نخبها حيث تساهم الدولة في تكوين النخب الرياضية وإعداد المنتخبات الرياضية الوطنية ومشاركتها في المنافسات الرياضية الدولية وتسهر على ذلك بتنسيق مع اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية والجامعات الرياضية المعنية. وتضمن الدولة والجماعات المحلية للرياضيين من المستوى العالي الاندماج في المجتمع والتدريب على ممارسة مهنة من المهن، وذلك بواسطة وسائل تتيح لهم تحصيل تكوين مهني وتنميته والعمل على تكييف كفاءاتهم مع متطلبات المجتمع.
كما أن المادة 82 من نفس القانون تحدد كل الهيات الرياضية المستفيدة و تسمية هؤلاء المانحين حيث
يمكن للجامعات الرياضية وللعصب الاحترافية وللعصب الجهوية وللجمعيات الرياضية أن تستفيد من إعانات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية. ويجب أن تخضع هذه الإعانات لإطار تعاقدي وفق الأنظمة الجاري بها العمل التي تتماشى مع المادة 149 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113/14 . كما تلتزم الجامعات الرياضية والعصب الاحترافية والعصب الجهوية والجمعيات الرياضية المستفيدة من هذه الإعانات بتقديم تقارير مالية سنوية للأطراف المانحة قصد تسهيل عملية المراقبة لصرف المال العام و تمكين مجالس الحسابات من تتبع مواطن الصرف السليم من عدمه و اتخاذ ما يلزم من اجراءات مصاحبة لذلك.
وتتمثل الإعانات المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه في تقديم منح للجامعات والعصب وللجمعيات المعنية ووضع مؤطرين رهن إشارتها وتمكينها من استخدام منشات تابعة لأملاك الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية.وعلاوة على ذلك، يمكن للجامعات الرياضية وللعصب الاحترافية وللعصب الجهوية وللجمعيات الرياضية أن تتلقى من الأشخاص الذاتيين ومن الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص مساعدات وهبات لاسيما على شكل دعم مادي مما يعني أن حتى عملية الاكتتاب المفتوح لنيل ادعم المالي من اطراف اخرى اصبح ممكنا للجمعيات الرياضية , لكن تبقى كل ممكنات الولوج الى الدعم العمومي من قبل هاته الجمعيات رهين بعملية المحاسبة حيث ان نفس المادة تؤكد مع ضمان المراقبة والافتحاص المستمرين تحت طائلة القانون
3 – خاتمة :
مهما تكن فرص الولوج الى الدعم العمومي من قبل الجمعيات الرياضية تبقى هاته الاخيرة اكثر تذمرا و احتجاجا على ضعف هذا الدعم و على اساليب منحه لارتباطه بالعديد من الاحداث و الظواهر السياسية و الاقتصادية التي تعيق خلق عدالة مجالية وجمعوية ممكنة , فبالرغم من وجود ارضية قانونية تنظم هذا المنح الا انه يبقى موسوما بالعديد من التعثرات ، و لذلك يتعين على المانحين تعزيز مصادر التمويل بحكم عدم كفاية المستوى الحالي للدعم العمومي حتى يتسنى للفعل الرياضي بكافة فعالياته و فاعليه ان يرقى الى مستوى الاداء الرياضي المنتج و ان يطور الرياضة المغربية ./.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.