الكاتب عبد القادر الدحيمني..نداء العودة والإنقاذ

2020-11-14T19:46:53+00:00
2020-11-14T19:46:56+00:00
كتاب الرأي
Bouasriya Abdallah14 نوفمبر 2020wait... مشاهدةآخر تحديث : منذ سنتين
الكاتب عبد القادر الدحيمني..نداء العودة والإنقاذ
الكاتب عبد القادر الدحيمني..نداء العودة والإنقاذ

عيسى هبولة/مشاهد بريس

وجه إبن مدينة سوق الأربعاء الغرب، الكاتب والروائي “عبد القادر الدحيمني” نداء إلى الفعاليات الجمعوية والمدنية بمدينة سوق أربعاء الغرب تحت عنوان ( نــــــــــداء العـــــــودة والإنقـــــــاذ) جاءفيه:

“عاشت مدينة سوق أربعاء الغرب عبر تاريخها سنوات جمعوية معطاءة مزدهرة وأخرى جذباء قاحلة، وكانت دوما هناك نقط ضوء مشرّفة للمدينة وأبنائها، تمسح ما علق بجبينها من سوء وتنقذها من الموت البطيء والنسيان، وكان من أبرز المحطات في هذا الصدد تأسيس اتحاد جمعيات المجتمع المدني بعد مخاضات عسيرة انطلقت بتنسيقية في منتصف فبراير 2011، وتطوّرت الفكرة شكلا ومضمونا ورؤية، لتصبح إطارا جمعويا جامعا، رأى النور بطريقة ديمقراطية تعالت على منطق التحالفات الإيديولوجية وتجاوزت أساليب الكولسة والإقصاء، وراوغت بحكمة تدخلات السلطة ومحاولتها المبكرة احتواء المبادرة واختراقها والهيمنة على فعلها ومسارها، وهو الأمر الذي جعل الإطار يحمل معه آمال العديد ممن كانوا قد فقدوا الأمل وراموا اليأس واللامبالاة إزاء ما يحدث، ويجتذب عددا من الذين كانوا يكتفون بالتفرّج من بعيد، ويستقطب العديد ممن كانوا قد فقدوا الثقة وبايعوا التوجّس من كل خطوة.

بهذه الروح استحق الإطار الوليد تسميته، باشتغاله على تمتين لحمته الداخلية، وحسمه في هويته الجامعة، العابرة لضيق الإيديولوجيات والرهانات السياسية الصغيرة، ليكون بحق إطارا يتّسع لكل الأربعائيات والأربعائيين، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ويسمو ليكون موئلا لكل الفئات والطبقات والحساسيات، في تجربة ديمقراطية فريدة، شهدت بها الجموع العامة والتقارير المعروضة للعموم في شفافية نادرة، استطاع اتحاد جمعيات المجتمع المدني أن يرسّخها، ويؤسس لها بفعل تشاركي واعٍ وحسٍّ مدنيٍّ راقٍ، قدّم صوراً نموذجيةً تصلح لتكون نبراسا لسلوك وطني جامع في المجال.

وبعد سنوات، تطوّر الفعل واتسعت مجالاته، وكثرت اشتباكاته، وصار اتحاد جمعيات المجتمع المدني إطارا مدنيا وازنا، يحسب له المسؤولون حسابه، ويشكل نوعا من التوازن المطلوب بين صوت المجتمع ودواليب النظام، وهو الأمر الذي جعله محط نظر العديد من هواة الهدم، ومحترفي الشتات، إضافة إلى العوامل الداخلية التي تعتري أي تنظيم على وجه الأرض، من نزوعات أحادية، ومطامع ضيقة، أو تفاوت في استيعاب الرؤية وتمثل الرسالة، واختلاف في أشكال التدبير وصيغ الفعل وأساليب المناورة، وفقه التنزيل بشكل عام.

إنني أقول هذا الكلام، دون أن أسعى لاتهام أحد، أو تحميل أي طرف مسؤولية المآل الذي بلغه وضع الاتحاد حاليا، من تجميد وتواطؤ على التجميد، دون أن يعرف الرأي العام ما جرى وما يجري، كأن قدرنا في هذه المدينة دائما أن نبدأ من الصفر في كل مجال، وأن يغيب ذلك التراكم المُثري، وتلك اللَّبِنات الصبورة، التي ترضى أن توضع فوق بعضها البعض، لتشكل هرم الإنجاز الممتد في التاريخ.
لست عضوا في هياكل الاتحاد، لاعتبارات تخصّ الرغبة الملحة في رؤية إنجاز جماعي ما، بغض النظر عمّن يقف وراءه ويحمل مشعله، ما دام النبض غرباويا، والهدف ثمرة يقطفها الجميع، مكاسب ملموسة، وصورة إيجابية للمدينة، وهيبة مدنيّة تقف في وجه الفعل التدبيري السائب للمدينة منذ عقود طويلة.

أقولها بصدق، كان الاتحاد رافعة وعي، وعامل إجماع، ومهماز فعل تغييري ناضج على مهل، مهما كانت ملاحظاتنا عليه، بدافع الغيرة أحيانا، ولقلة الخبرة والمراس الميداني المكابد في أحايين كثيرة، وقد تابعت مجمل تطورات التأسيس والنمو، وحضرت الجموع العامة، وشجّعت، وأدليت بما استطعته من آراء وتوجيهات بغية الترشيد والتسديد، واستجبت كُلَّما دُعيت، وثمّنتُ متحمّسا أحيانا، وصمتُّ أحيانا أخرى، محاذرا أن أكون حجر عثرة أو عقبة في وجه تجربة حيوية طموحة، كم تمنيت ألا تخبو جذوتها ولا تستسلم لمطبّات التوجّس والابتذال والانحراف، المتغوّلة في هذه المدينة المظلومة.

هل فات الوقت؟ أبدا لم يفت، وأنا مدرك تمام الإدراك أنّ أي تحالف جمعوي إضافي، أو موازٍ، أو منافس، نحن دوما في حاجة إليه، وأكثر منه، لطبيعة الواقع الذي تعرفونه، ولتعدّد واجهات العمل المنتظر، ولاتساع الخرق في ثوبنا الغرباوي، الذي يحتاج إلى أكثر من راتق، لكن للاتحاد نكهته التي تعرفونها.

وأقولها بصراحة، لأنني لا تربطني بالحساسية الانتخابية أية صلة، إلا المراقبة المهمومة لما يجري، وتتبع الخطاب والممارسة، من باب الانتماء للمدينة وأحلامها ومشاكلها، ومن باب الخروج من سلبية الصمت، وشيطانية التفرّج الأخرس. أقول: مهما تعددت التحالفات الجمعوية وظهرت الحاجة الملحة إليها في هذه المدينة، فإن تجربة الاتحاد تجربة رائدة ومتميّزة، وتحمل بصمة الفرادة والروح الجامعة، التي تمثلّ ذلك التجلّي المحلّي لروح المواطنة الحقّة والأخوة العابرة لضيق التوجهات وحساسية الاصطفافات، وبالتالي فإن الأمر سيكون في غاية الخطورة، بمنطق التاريخ، أن نترك التجربة تموت، وأن نتواطَأَ على وأدها، ونروم الصمتَ على ما تتعرّض له من إهمال ونكران.

ومن هذا المنطلق، فإنني أدعو كل الفعاليات الجمعوية والمدنية، التي شكلت أعمدة اتحاد جمعيات المجتمع المدني، وكل الذين شكّل لديهم هذا الإطار أملا ما، وضوْءاً ينير العتمة في هذه المدينة، وأدعو كل الغيورين من أبناء المدينة، ممن يسكنونها أو تسكنهم، ألا يصمتوا عن هذا الوأد وأن يرفعوا أصواتهم ضد الفتك بالذاكرة.

رجاءً مُلحّا، لا تستسلموا لحسابات سياسية وانتخابية ضيّقة عابرة، وتتركوا الفعل المَدَنِيَّ الباقي، لا تجعلوا المدينة تمسح الطاولة في كل مرة وتبحث كالمجنونة عن بداية أخرى مجهولة، أوقدوا سراج العقل، وتحسسّوا نبضكم، ولا تستسلموا للنسيان.

علّقوا الجرس، ولا تنتظروا أن يأتي أحد من جهة ما ليفعل ما يتوجّب عليكم فعله بأنفسكم.
بإمكانكم، تجديد النقاش بخصوص استئناف مسيرة الاتحاد، بإمكانكم البحث عن صيغ العودة، بإمكانكم التعالي قليلا عن حظوظ الأنفس، بإمكانكم أن تكونوا أقرب إلى الساكنة والرأي العام بخطوة الإنقاذ هاته.

كما أؤكد على بعض الشروط التي أراها لازمة لإنجاح أي استئناف منتظر لمسيرة الاتحاد، إن قبلتموها كالآتي:

  • تجنب الاشتراطات القبلية من الجميع، مع وضع مسطرة قبلية، ومعايير أخلاقية، تكون بمثابة ميثاق شرف، يلتزم به من يتصدّى لشغل مقعد بمكتب الاتحاد، وخاصة رئاسته.
  • عدم نسيان، ولو للحظة واحدة، أن الهدف هو الحفاظ على إطار مدني قوي وجامع، يخدم الأجيال القادمة، ولا يتعلّق فقط بطموحات من يجلس في كراسي عضويته حاليا.
  • ليس بالضرورة في مرحلة العودة، البحث عن نفس الصيغة الإخراجية للجمع العام.
  • اختيار خمسة من فعاليات المجتمع المدني لتتبع إجراءات العودة، واقتراح أشكال العمل.
  • مراعاة حساسية المرحلة الحالية، يستحسن الاتفاق على أن يدير السنة الأولى شخص غير مصنّف سياسيا بشكل بارز، حرصا على الجمع، وإبعادا للاتحاد عن الاستقطاب الانتخابي.

وفي الأخير: اعلموا أن غياب الاتحاد هو أكبر هدية تم تقديمها لمهندسي الفساد والتسلّط في هذه المدينة، ليس فقط باعتبار الاتحاد شكّل جبهة اجتماعية مناضلة حملت شعلة مجموعة من الملفات المطلبية بقوة، بل لأن الاتحاد كان قوة اقتراحية تفرض نفسها على كل من تولّى المسؤولية في المدينة، بحيث أصبحت كل خطوة معتبرة، أو تخطيط مستقبلي، لا يمكن أن يمرّ دون كلمة ورأي للاتحاد.

لا تعجزوا عن النهوض من جديد.
أوقدوا مشعل الأمل، ولا تجعلوا العابثين بالمدينة يستريحون.
استرجعوا الحلم ولا تفرّطوا في الذاكرة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.